تمهيد: عقد الوكالة التجارية من بين العقود التي
نظمها المشرع لأول مرة في مدونة التجارة لسنة 1996. و كانت الوكالة اساسا مبنية
على الاعراف و بالتالي فهذه الوكالة العادية لم تكن صالحة للوكالة المطلوبة في
المادة التجارية. اولا لان الوكالة العادية كانت تعطى غالبا فيما بين الاقارب. و
لذلك كان الاعتبار الشخصي فيها مهم جدا بمعنى ان الوكيل كان يختار بناء على الاعتبار
الشخصي.
و كانت هذه الوكالة العادية لا تصلح في
المجال التجاري الذي يريد وكيلا تجاريا متخصصا محترفا يقدم خدمات الوكالة باستمرار
و بانتظام و باحتراف من اجل ان يساعد الموكل في تنفيذ سياسته الاقتصادية. اذن هي
تتجاوز حدود الوكالة العادية التي المبنية اساسا على الثقة.
و هكذا اذن ظهرت الوكالة التجارية في
القانون الفرنسي, بل و ظهرت انواع اخرى متعددة من الوكالات تقع كلها فيما يسمى
بخانة "الوكالات ذات المصلحة المشتركة" و على راسها الوكالة التجارية, و
يضاف اليها الوكالات التي تأسس على عقود اصلية اخرى فتكون عقد تابعة لعقود اصلية
من قبيل الوكالة الممنوحة لشركة التأمين عندما تقع حوادث للمأمن له. و ذلك بمقتضى
شرط سير الدعوى و كأنما الخطر حصل في مواجهتها شخصيا. اذن فهي وكيلة بمقتضى شرط
مضمن اما صراحتا او عرفا في عقد التأمين. فالوكالة اذن تابعة لعقد التأمين و غير
منفصلة عنه. اذن هذه الوكالة تقوم على مصلحة مشتركة ما بين شركة التأمين و المأمن
له.
كذلك هناك نوع اخر من الوكالة ذات المصلحة
المشتركة من قبيل الوكالة التي تمنح من طرف الشخص لمؤسسة بنكية فيعطي الصلاحية
للبنك بان تقوم مقامه في تحصيل الديون التي له على الغير. فهي تقوم بهذه المهمة
بناء على وكالة ذات مصلحة مشتركة لان هذه الوكالة هي مفيدة للطرفين معا.
لكن تبقى على رأس هذه الوكالات
"الوكالة التجارية" التي سادت بشكل كبير في الوسط التجاري الفرنسي. و
كانت لمدة طويلة مبنية على الاعراف التجارية الفرنسية. لان الاعراف تلعب دورا مهما
في تنظيم العلاقات بين التجار. و لان التجارة مبنية على السرعة و الثقة و
الائتمان. و بالتالي كانت الاعراف كافية لتنظيم هذه الوكالة التجارية, هناك جوانب
لم تكن دقيقة بطبيعة الحال, لكنها كانت تستجيب للوضعية المطلوبة من طرف الوكيل و
الموكل.
لكن فيما بعد تتضح عيوب هذه الاعراف مما
يؤدي الى تدخل التشريع الفرنسي رقم 91-593 المؤرخ في 25 يونيو 1991 و المرسوم المؤرخ
في 10 يونيو 1992, و قد تأثر التشريع الفرنسي بدوره بالتوجيه الاوروبي الصادر في
18 دجنبر 1986 و بالأعراف السائدة منذ ما يزيد على قرن من الزمن و قد بدت هذه
الاحكام واضحة في التشريع المغربي.
و المشرع المغربي عندما اصدر مدونة التجارة
استقى احكام الوكالة من القانون الفرنسي المستقات اصلا من الاعراف المتأصلة في الاسواق
لمدة طويلة. و المشرع لم يأخذ كل القواعد و انما اختار منها ما هو مناسب, و
بالتالي بقيت الوكالة التجارية منظمة بمقتضيات عامة في ق.ل.ع و مقتضيات خاصة واردة
في مدونة التجارة من المواد 393 الى 404.
اذن ماهي الوكالة التجارية ؟ ماهي محتوياتها
؟ ما هي الالتزامات المترتبة عليها ؟
1- تعريف عقد الوكالة التجارية و تحديد طبيعته و
خصائصه:
أ-
تعريف
الوكالة التجارية:
المشرع كعاته في السنوات الاخيرة عرف
الوكالة التجارية كما بدأ بتعرف مجموعة من العقود التجارية. في المادة 393 من م.ت حيث
نص على ان " الوكالة
التجارية عقد
يلتزم
بمقتضاه شخص ودون أن يكون مرتبطا بعقد عمل، بالتفاوض أو بالتعاقد بصفة معتادة ،
بشأن عمليات تهم أشرية أو بيوعات، وبصفة عامة جميع العمليات التجارية باسم ولحساب تاجر أو منتج
أو ممثل تجاري آخر يلتزم من جهته بأدائه أجرة عن ذلك."
ب- طبيعة عقد الوكالة التجارية:
و هذه الصفة كانت موضوع خلاف كبير على مستوى
الفقه و القضاء, اذ هناك اتجاه يقول ان هذه الوكالة هي وكالة تجارية, و الجزء
الاخر من الفقه و القضاء يسير في اتجاه من يقول ان هذه الوكالة هي وكالة مدنية. و
لكل راي سنده في الواقع و القانون.
على مستوى التشريع المغربي المشرع كان
حاسما, فجعل الوكالة تجارية و بالتالي تتميز بالصفة التجارية. و الوكيل هنا يعتبر
تاجرا, لان المشكل يثار بالنسبة للوكيل اما الموكل فهو اصلا تاجر.
و بعض الفقه الذي ينفي الصفة التجارية على
الوكيل و على الوكالة يقول هذا الوكيل ليس تاجرا لأنه حسب المادة 393 من م.ت يقوم
بعمل باسم و لحساب شخص اخر, فهو لا يمارس هذا العمل لمصلحته و لا باسمه. و بالتالي
فان جميع الاثار المترتبة عن الاعمال التي يقوم بها تنصرف الى ذمة الموكل, اذن هو
قائم بأعمال الموكل. و هناك من يدرجه ضمن وكلاء الاعمال. لأنه مكلف بكل شيء.
الرأي الاخر يستند الى نص المادة 6 من م.ت
فعبارة وكيل في نص المادة تجعل الوكالة التجارية تدخل ضمنها, فتكون اذن الوكالة هي
وكالة تجارية و الوكيل يكتسب الصفة التجارية.
حتى خارج اطار المادة 6 يمكن القول بان
الوكيل تاجر لأنه هو يحترف الاعمال و المهام التي يزاولها و ان كانت لغيره, اذن
الصفة التجارية لا يكتسبها بطبيعة العمل و انما من جانب تكرار العمل. بل هو معروف
في الاسواق بانه رهن اشارة من سيقدم اليه خدماته, و بهذه الصفة يكتسب الصفة
التجارية و كانت الوكالة من جانبه تجارية.
اما الفقه و القضاء الفرنسي – ليس كله –
لازال يعتبر الوكالة التجارية ذات طبيعة مدنية, من منطلق ان الوكيل انما يقوم
بتصرفات باسم و لحساب الموكل و بالتالي فهو مجرد نائب و النائب يكون طرف مدني و
ليس تاجرا. حتى سنة 1991 لما اريد ادخال تعديل على هذا الامر رفضت الاغلبية هذا
التعديل الرامي الى منح الصفة التجارية للوكيل التجاري.
لكن البعض الاخر الذي يعطي هذه الصفة للوكيل
هو يستند الى العمل المتكرر و المحترف لهذا الوكيل من جهة, و لان المشرع يلزمه
بمسك المحاسبة و تسجيل وكالاته في سجلات المحكمة – سجل خاص غير الذي يسجل فيه
التاجر – و الفقه انطلق من هذا السجل الخاص و قال مادام الامر يتعلق بسجل خاص فهو
ليس تاجرا, لو كان تاجرا لأخضعه المشرع للتقييد في السجل التجاري كباقي التجار.
وان كان هذا السجل الخاص طريقة من طرق تنظيم عمل كتابة الضبط. على كل حال هذا هو
الاتجاه الفرنسي.
و هناك بعض التشريعات التي نصت صراحتا على
الطبيعة التجارية للوكالة التجارية, كالمشرع الاردني و المشرع العراقي و بعض
التشريعات الاخرى.
ت- خصائص الوكالة التجارية:
-
الاستقلال
المهني للوكيل التجاري:
الوكيل مستقل عن الموكل. كيف ذلك ؟ ننطلق من
النص التشريعي للمادة 393 من م.ت التي تنص في تعريفها للوكالة التجارية ان الوكيل
انما يبرم تصرفاته باسم و لحساب الموكل و من دون ان يكون مرتبط بعقد عمل. اذن
التبعية المرتبطة بعقد عمل غير موجودة – ليس اجيرا – اذن فهو لا يخضع لتبعية
الموكل.
و مظاهر الاستقلال هاته يمكن حصرها فيما
يلي:
1- حق الوكيل في ان ينظم تجارته بالطريقة التي اراد, اي انه
حر في اختيار وسائل تنفيذ الوكالة. و يمكن ان ينفذ الوكالة من خلال شخص طبيعي او
من خلال مقاولة ينشئها لهذا الامر, كما يمكنه انشاء مكاتب خاصة به و ان يشغل لديه
اجراء يمارسون هذه المهام تحت اشرافه و يخضعون لتعليماته. اذن هو حر في تنظيم
الوكالة التجارية لأنه شخص محترف.
2- يمكنه ان يمارس هو شخصيا نشاطا تجاريا, اذن فهو من جهة
ينوب عن الوكيل و من جهة اخرى يمارس نشاطا خاصا به, بمعنى اخر هو غير ملزم بان
يخصص كل وقته لتنفيذ الوكالة التجارية, و لكن هذا النشاط مشروط بان لا يكون منافسا
للموكل الا اذا ظل يمارسه امام مرأى و مسمع من الموكل و هذا الاخير شاهده و لم
يمنعه من ذلك, او اذا اخبر بذلك و قبل الموكل فلا اشكال. اما الاعمال الغير منافسة
فهو حر في ان يمارسها و لو كانت مرتبطة جزئيا بعقد الوكالة التجارية.
3- يمكنه ان يمثل او ان ينوب عن عدة موكلين في نفس المنطقة
الجغرافية التي ينوب فيها عن الموكل الاول, بشرط ان لا يكونوا متنافسين للوكيل
الاول, لان اخلاق الوكالة التجارية تمنع تمثيل موكلين متنافسين ما لم يأذن له
الموكل في ذلك.
اذن الوكالة التجارية تتميز بطابع
الاستقلال, و هذه الحرية مقيدة بصلاحيات الوكالة التجارية.
-
الوكالة
التجارية ذات مصلحة مشتركة:
كما تنص على ذلك المادة 395 من م.ت التي تنص
صراحتا على ان الوكالة التجارية تبرم من اجل تحقيق المصلحة المشتركة للأطراف. و
التي تستوجب الانضباط في اداء المهام.
اذن فالغاية المشتركة تترتب على ما هو مطلوب
من تعاون مستمر للأطراف. بل ان المصلحة المشتركة هي التي تفرض التعاون بين
الطرفين. فالمصلحة المشتركة هو ذلك الحيز من السوق الذي تمارس بداخله الوكالة
التجارية, او هم الزبناء الذين يتعامل معهم الوكيل, زبناء مشتركون و لو ان الموكل
هو الذي اوجد الزبناء فانهم مشتركون مع الوكيل الذي سيحافظ على استمرار هذه
العلاقة.
و هكذا اذن بقدر ما يرتفع قدر المعاملات
بالوكالة التجارية بقدر ما يستفيد الطرفان. اذن المصلحة المشتركة تفرض على الوكيل
ان يكون حرصا على تنفيذ الوكالة و ان يضاعف من مجهوداته حتى يضاعف من اجرته, لان
اجرته مرتبطة بتنفيذ الوكالة. و هم معنيون كذلك من حيث ما يجب القيام به من اجل
تدعيم الوكالة و تطويرها و انجاحها. اذن هم ملزمون بأعمال سابقة على الوكالة, و بأعمال
لاستمرار الوكالة و ايضا تطور الوكالة لانهم يستفيدون منها معا.
يبرز وجه المصلحة المشتركة ايضا في ان
الوكيل التجاري هو مساعد للموكل التجاري في تنفيذ سياسته الاقتصادية, و لا يمكن
انهاء عقد الوكالة التجارية مع ما يستتبع ذلك من فقدان الوكيل لهذه القيمة
المالية, و عدم تملكه لثمار مجهوداته و حصته, دون تعويضه. فالمشرع لما كيف الوكالة
بانها ذات مصلحة مشتركة انما ينبغي من وراء ذلك تحقيق التوازن التعاقدي بين
الطرفين عن طريق تقنية التعويض عن انهاء العقد.
-
الوكالة
التجارية مستمرة و منتظمة:
من خصائص الوكالة التجارية الانتظام و
الاستمرار بحيث يلعب فيها عنصر الزمن دورا هاما, اي ان نشاط الوكيل يجب ان يتم
لمدة طويلة و ان ينصب على عمليات متعددة و الا لا يمكن وصفه بالوكيل التجاري. هذا
ما اكدت عليه المادة 393 من م.ت حينما نصت على ان الوكيل يقوم بالتفاوض او ابرام
العقد "بصفة معتادة", في حين ان المادة 396 من م.ت عبرت على عنصر الزمن
حينما نصت على امكانية ابرام عقد الوكالة لمدة محددة او غير محددة. اي ان التعاون
بين الاطراف يتم بشكل مستمر عبر الزمن. و ان الوكيل يشتغل بصفة مستمرة من اجل
تنفيذ الوكالة.
و نطاق التفاوض التجاري المتفق عليه واسع,
لكن يفرض بالخصوص على الوكيل ما يلي:
التفاوض على العقود و اعطاء للموكل مراجعة
عنها, عند الاقتضاء ابرام المعاملات التي تعهد بها, يجب ان يفضي الى الموكل جميع
المعلومات الضرورية التي يتوفر عليها, معرفة وضع السوق, زيارة و اعلام الزبون ...
و بالتالي فان هذه المهام و غيرها لا يمكن القيام بها الا اذا كانت الوكالة
مستمرة. اذن الوكيل يجب ان يشتغل بشكل متصل و ان يتوفر له الوقت و الوسائل و
الاجهزة.
و استمرار الوكالة يعتبر كذلك خاصية من
خصائص المصلحة المشتركة, اذ ان الوكالة التي تبرم لأجل عملية واحدة لا تنشأ عنها
مجموعة من المصالح المشتركة. بخلاف الوكالة المستمرة.
-
الطابع
المهني للوكالة التجارية:
الوكالة
التجارية تتميز بطابع مهني, و هو ما يتضح من خلال صفة الموكل و الوكيل, و طبيعة
التصرفات التي يقوم بها الوكيل لحساب الموكل. فالموكل محترف يدخل في نطاق التعداد
الوارد في المادة 393 من م.ت فهو اما تاجر او منتج او ممثل تجاري. حسب نص المادة
الذكورة.
الوكيل التجاري: الذي يوكل عنه وكيلا تجاريا
اخر.
التاجر: مصطلح يطلق على الذين يصفهم القانون
بهذه الصفة بما في ذلك المقاولات العامة ذات الطابع الصناعي او التجاري او
المجموعات ذات النفع الاقتصادي. و لذلك بمصطلح التاجر يشمل الصانع رغم ان المشرع
لم يذكره بجانب التاجر عكس ما عليه الامر في التشريع الفرنسي.
المنتج: يمكن ان يكون غير تاجر كالمزارع و
التعاونية المدنية.
اما بالنسبة للوكيل التجاري فهو ايضا شخص
محترف في التجارة, يحترف اجراء المعاملات التجارية لحساب الغير. و نشاطه هذا يعتبر
تجاريا يكتسب من خلاله الصفة التجارية. و بالتالي يضفي طابع التجارية على عقد
الوكالة.
و تتصف الوكالة التجارية بالطابع التجاري من
خلال موضوعها كذلك المحدد من طرف المشرع في المبيوعات و الاشرية و جميع المعاملات
التجارية. و ان كان بعض الفقه يرى ان الطابع المهني للوكالة التجارية تكتسبه من
جانب الوكيل الذي يمتهن الوكالة التجارية و من جانب كونه يتصرف لتلبية حاجيات
الموكل المهنية.
ث- تمييز الوكالة التجارية عن بعض العقود:
ينفرد عقد الوكالة التجارية بمجموعة من العناصر التي تجعل منه عقدا
فريدا يختلف عن باقي العقود، لا من حيث المراكز القانونية لأطرافه ولا من حيث
الآثار التي يرتبها مقارنة بالعقود الأخرى. وتكمن أهمية هذا التمييز في معرفة أمهات الأمور التي تمكننا من معرفة
عقد الوكالة التجارية بشكل دقيق نجتنب معه الخلط الذي قد يقع بينه وبين بعض
الأنظمة الأخرى.
-
الوكيل
بالعمولة:
وردت الوكالة بالعمولة صراحة في الفقرة 9 من المادة 6 من مدونة
التجارة، ضمن أعمال الوساطة التجارية، وقد عرفتها المادة 422 من مدونة التجارة
بأنها ''عقد يلتزم بموجبه الوكيل بالقيام باسمه الخاص بتصرف قانوني لحساب موكله''،
ويكمن وجه الاختلاف بينها وبين الوكالة التجارية من حيث تعاقد الوكيل بالعمولة
باسمه الشخصي ولكن لحساب موكله، حيث يعتبر الوكيل بالعمولة طرفا في العقود التي
يبرمها، وبالتالي يظهر أمام الغير بمظهر صاحب الشأن الذي يتحمل كافة الطبيعة
القانونية لعقد الوكالة التجارية كما يستفيد من الحقوق المترتبة عنه, و يسأل عن
نتائج ما يقوم به من تصرفات مع الغير. اما فيما يخص الوكيل التجاري فيتعامل باسم ولحساب
موكله ومن تم فان هذا الأخير هو من يتحمل بالالتزامات والحقوق المترتبة على العقود
والتصرفات القانونية التي يجريها الوكيل.
اضافتا الى ان الوكالة بالعمولة لا تتوفر على خاصية الاعتياد و
الاستمرار التي تتميز بها الوكالة التجارية و بالتالي ليس لها طابع المصلحة
المشتركة.
-
السمسار:
عرف المشرع المغربي عقد السمسرة في الفقرة الأولى من المادة 405 من
مدونة التجار كما يلي: ''السمسرة عقد يكلف
بموجبه السمسار من طرف شخص بالبحث عن شخص أخر لربط علاقة بينهما قصد إبرام
العقد''. وانطلاقا من هذا التعريف فان عمل السمسار يقتصر على التقريب
والتوفيق بين المتعاقدين مقابل اجر ودون أن يمثل أيا منهم. ويتمثل الأجر عادة في
نسبة معينة من قيمة الصفقة المراد إبرامها، ويبقى السمسار بمعزل عن العقود التي
يتوسط في إبرامها على الوكيل التجاري الذي يكون طرفا في العقد ولو انه يبرم باسم
ولحساب موكله.
-
الممثل
التجاري:
الفرق بين الممثل التجاري و الوكيل التجاري
يتمثل بالدرجة الاساسية في الطبيعة القانونية لمهنتي الوكالة التجارية و التمثيل
التجاري, فالوكيل التجاري يمارس نشاطه على وجه الاستقلال و دون ان يكون مرتبطا
بعقد عمل, في حين يرتبط الممثل التجاري بالمنتج او التاجر الذي يعمل لحسابه او
المقاولة التي تشغله بعقد عمل و ما يترتب عليه من خضوع لالتزامات الاجراء و لرابطة
التبعية نحو المشغل, التي تمكنه من الاستفادة من الحماية القانونية التي
يوفرها قانون الشغل بصفة عامة للأجراء.
-
صاحب
الامتياز:
صاحب الامتياز تاجر يبيع و يشتري باسمه و
لحسابه, بخلاف الوكيل التجاري الذي يعمل باسم ولحساب الغير.
كما تجدر الاشارة الى ان الوكالة التجارية
تعتبر عملا تجاريا في القانون المغربي, و يترتب على ذلك ان الوكيل التجاري الذي
يزاول بشكل اعتيادي او احترافي التفاوض او التعاقد باسم و لحساب غيره يكتسب صفة
تاجر.
2- انشاء عقد الوكالة التجارية:
المشرع اكتفى بالرضا المتبادل لانعقاد
الوكالة التجارية من اجل التيسير على المتعاقدين, اما الكتابة فهي وسيلة للأثبات و
ليست للانعقاد.
أ-
الرضا:
ليست هناك اي مقتضيات خاصة تبين كيفية ابرام
عقد الوكالة التجارية, و بالتالي نرجع الى القواعد العامة في ق.ل.ع, اذن هنا يطبق
كل ما يتعلق بإبرام العقد على الوكالة التجارية, و على راس هذه القواعد الرضا بالإضافة
الى المحل و السبب المشروعين.
اذن يكفي ان يكون هناك تراضي بين الوكيل و
الموكل و ان يكون هذا الرضا خاليا من العيوب, و لم يحدد المشرع شكلية معينة لإبرام
الوكالة. و انما اشترط الكتابة للإثبات عندما نص في المادة 397 من م.ت على انه
يثبت
عقد الوكالة
التجارية،
وعند الاقتضاء، تعديلاته بالكتابة. اذن يمكن ان يكون العقد شفويا, عن طرق
المراسلة, ...
اما اطراف عقد الوكالة التجارية فهناك
الموكل الذي يجب ان ينتمي الى فئة التجار او المنتجين او الوكلاء التجاريين حسب
المادة 393 من م.ت. و الوكيل شخص محترف مستقل يكلف بصفة اعتيادية و من دون ان يكون
مرتبطا بعقد عمل, بالتفاوض او ابرام العقود باسم و لحساب الموكل.
اما التصرفات محل عقد الوكالة في كل
البيوعات او الاشرية او الاكرية او غيرها من العمليات التجارية المشروعة. اما سبب
عقد الوكالة فيشترط فيه المشروعية ايضا.
ب- الكتابة للإثبات:
بالرجوع الى نص المادة 397 من م.ت الذي يجري
سياقه على انه يثبت
عقد الوكالة
التجارية،
وعند الاقتضاء، تعديلاته بالكتابة. من هنا يتبين ان المشرع جعل من الكتابة
وسيلة اثبات و ليست للانعقاد و يعتبر هذا استثناء من قاعدة حرية الاثبات في المادة
التجارية طبقا للمادة 334من م.ت. كما انه لم يشترط في هذه الكتابة ان تكون رسمية
او عرفية, و انم وسع من مجال الكتابة حتى تتخذ اي شكل من الاشكال. اذن الكتابة في
الوكالة التجارية وسيلة للإثبات كما هو عليه الامر في الوكالة العادية.
و المشرع الفرنسي تعامل مع الكتابة بطريقة
اخرى فقبل تعديل مرسوم 1958 كانت الكتابة لازمة للانعقاد, مما ترتب عنه وجود عدد
كبير من الوكلاء التجاريين لا يطبق علهم نظام الوكالة التجارية لأنها غير مكتوبة و
المشرع الفرنسي يشترط ذلك. لكن بعد تعديل 1958 اقر المشرع الفرنسي الكتابة بطريقة
اخرى, و هي انه سمح لأي طرف ان يطلبها, و اذا لم تطلب المسألة جائزة. اذن الاطراف
لهم الخيار في الكتابة من عدمها.
لكن الكتابة بالرغم من ذلك هي ضرورية في
المادة التجارية رغم ان المشرع لم يقرر ذلك, فهي مفيدة و جيدة و في مصلحة الطرفين
اذ تحدد التزامات كل طرف على حدة مما يجعل حدا للنزاع حول تحديد هذه الالتزامات.
ت- موضوع الوكالة التجارية:
ان مهمة الوكيل التجاري من خلال المادة 393
من م.ت تتجلى في المفاوضات مع الزبناء دون التعاقد معهم, او في التعاقد معهم في
مجال الشراء او البيع او اي عملية تجارية اخرى باسم و لحساب الموكل.
المشرع الفرنسي عبر عن ذلك بعبارة مختلفة,
اذ استعمل التفاوض و عند الاقتضاء التعاقد فالمشرع الفرنسي اذن جع الموضوع الرئيسي
للوكالة التجارية هو التفاوض, و اضاف عند الاقتضاء التعاقد, بمعنى ان الاصل في
الوكالة التجارية انها ترد على التفاوض – المفاوضات التي تسبق ابرام العقد- و هي المفاوضات
التي يقوم بها الوكيل مع الزبناء, و يحاول اقناعهم و تعريفهم على البضاعة, و يترك
مسألة التعاقد الى الموكل هو الذي يتعاقد معهم شخصيا باسمه و لحسابه و يتحمل
مباشرة الالتزامات المترتبة عن الوكالة.
اما المشرع المغربي فانه سوى بين الامرين و
ان بدا في الكلام عن المفاوضات و اخره عن التعاقد. اذ يقول " بالتفاوض أو
بالتعاقد ", اذن هي مسألة تخييرية, لان المشرع المغربي سوى بين الامرين و هو
ما اثار الاشكال على مستوى الفقه, يتعلق بمناقشة هل التفاوض يمكن ان يشكل موضوعا
لوكالة تجارية ؟ لان الوكالة اصلا تكون في التصرفات القانونية, و التفاوض في نظر
بعض الفقه ليس تصرفا قانونيا, و انما هو عمل يسبق التصرفات القانونية و لذلك قيل
ان هذا العمل مادي سابق. و التالي لا يمكن ان يشكل موضوعا للوكالة. و بغض النظر عن
هذا الرأي الفقهي, الشيء الواقعي ان النصوص القانونية جعلت من التفاوض موضوعا
للوكالة التجارية.
المشرع الفرنسي و المغربي معا اعترفوا
بالتفاوض كموضوع للوكالة التجارية مغلبا ما فيه من عناصر قريبة من العناصر
القانونية, او قريبة من عناصر التصرفات القانونية.
ث- محتوى العقد:
محتوى
العقد هو ما يشمله من شروط و مقتضيات ترمي الى توضيح كيفية التعاون بين الطرفين. و
من اجل ذلك يجب استبعاد شروط و ادراج اخرى:
-
شروط لا يجب
ادراجها في العقد: هذه الشروط كثيرة و متعددة و لا يمكن احصائها. نذكر منها:
الشروط التي تحرف عقد الوكالة التجارية و
تخرجها من اطارها القانوني, كالشرط الذي يتعارض مع واجب الصدق و الاعلام المتبادل,
او ان يشترط الموكل على الوكيل في العقد حرمانه من الاجرة, او ان يسمح الوكيل
لنفسه بإمكانية عدم تحمله المسؤولية عن الاخطاء الجسيمة, او اعفائه من مهمة
الاشعار عندما يريد انهاء الوكالة. فهذه الشروط و مثيلاتها لا يجب ان تدرج ضمن
محتويات العقد.
و كذلك الحال بالنسبة للشروط التي تمنع
الوكيل من تنظيم مقاولته, من قبيل تتضمن الوكالة امكانية الموكل في انهاء عقد
الوكالة بالإرادة المنفردة دون تعويض الوكيل التجاري, او حرمان الوكيل من تشغيل
اجراء او الاستعانة بوكلاء من الباطن, او عدم القيام بنشاط معين و لو انه غير
منافس للموكل ...
-
شروط يجب ان
يتضمنها العقد:
رغم ان المشرع لم يجعل من الكتابة وسيلة
للانعقاد و انما هي للإثبات, فانه من الافضل تضمين كل الاتفاقات التي تتم بين
الاطراف تفاديا للنزاعات, و ان كان المشرع قد ترك الحرية للأطراف في تضمين كل ما
يبدوا لهما مهما.
وهكذا فان يجب ان يشير العقد الى ما يفيد ان
العقد الرابط بينها عقد وكالة, بالإضافة الى جميع التفاصيل التي يتم التفاوض حولها
بدقة, تفاديا للنزاع الذي قد يحث بينهما.
3- تنفيذ عقد الوكالة التجارية:
ان تنفيذ عقد الوكالة التجارية تخضع لنظام
مزدوج. فهي تخضع للقواعد العامة من جهة, و من جهة اخرى تخضع لمدونة التجارة. و
بالتالي هناك التزامات تقع على عاتق الطرفين في كل من مدونة التجارة و ق.ل.ع.
أ-
الالتزامات
المتبادلة بين طرفي عقد الوكالة التجارية:
تتمثل هذه الالتزامات في الالتزام بالصدق و
الاعلام.
-
الالتزام
بالصدق:
الالتزام بالصدق اصله اخلاقي و ديني, و
المشرع استقاه من المجال الاخلاقي و الديني ليجعل منه التزاما قانونيا منصوص عليه
في القانون عندما نص في المادة 395 من م.ت على انه "يلتزم الأطراف بصفة متبادلة بمراعاة قواعد
الصدق والإعلام". اذن الصدق هذا يتمثل في التزام كل طرف بان يكون صادقا في كل
تصريحاته و في كل افعاله المتعلقة بالوكالة في مواجهة الطرف الاخر, بمعنى ان يدلي
اليه و ان يتعامل معه كما يريد ان يتعامل مع نفسه. فالصدق هو ان تحب للأخرين ما
تحبه لنفسك و لا تميز ما بينك و بين الاخرين, اذ سواء تعلق الامر بالوكيل او
الموكل فكلاهما ملزم بان يكون صادقا مع الاخر, اي ان يتعامل معه تماما بنفس
الطريقة التي يريده ان يتعامل معه بها. اي ان يقدم له جميع الوقائع و المعلومات
بصدق تام حتى و لو كانت تضره, و هذا هو منتهى الصدق. بمعنى ان يكون صادقا الى درجة
ان يفضي اليه بجميع البيانات حتى و لو لم تكن في مصلحته.
هذا الالتزام بدأ يدخل الى القانون شيئا
فشيئا لان الصدق هو منتهى الاخلاق و النزاهة, و هذا لا يعني ان الاخلاق كانت
منعدمة الصفة في القانون, فالأخلاق مرتبطة بالقانون منذ نظام القبائل و العشائر, و
بالخصوص منذ عهد الاغريق و الرومان دائما عرف اتصال بين القانون و الاخلاق و بين
الدين ايضا. فالإمبراطورية كانت تعاقب على افعال كانت تضر بالأخلاق و الدين خاصتا
في عهد الجمهوريين.
و القانون المغربي في بداية سنه تأثر بهذا
القانون الروماني و تأثر بالأخلاق و قواعد الدين الاسلامي, و لكن ليس الى حدود
الصدق التام المنصوص عليه في المادة 395 من م.ت. فهذا الالتزام جديد و منه بدأت
الاخلاق تدخل الى مجال العقود التجارية بعدما كانت محصورة في الحدود المنصوص عليها
في ق.ل.ع.
فوجود هذه الاخلاق في القانون المتعلق
بالعقود بالأساس يؤدي الى تفادي التصريح بوقائع من شانها ان توقع المتعاقد الاخر
في الغلط او التدليس, اي الا يرتكب عمل يمكن ان يغلط او يدلس على الطرف الاخر.
اذن ضمان عيوب الرضا هي محدودة في قدر معين
من الاخلاق, و لم تصل الى مستوى الاخلاق التامة المنصوص عليها في المادة 395 من م.ت,
و ان كان في التدليس نوع من الجزاء على مخالفة قواعد الصدق بشكل اكبر وواسع عندما
عاقب المشرع بمقتضى الفصل 52 من ق.ل.ع على كل من يدلس على الطرف الاخر بأفعال
ايجابية او حتى الكتمان او السكوت عن واقعة معينة, الذي ادى الى التدليس على الطرف
الاخر, لأنه في حاجة ماسة الى معلومات معينة و انت لم تدلي بها فوقع في التدليس, و
لو ادليت بها لما ابرم العقد.
اذن المشرع كان ذكيا منذ البداية في ق.ل.ع فأوقع
جزاء على التدليس الذي يتم عن طريق الكتمان, و رتب عن ذلك قابلية العقد للإبطال ثم
التعويض لان التدليس هو عمل غير مشروع. اذن يمكن القول بان المشرع في التدليس اخذ
بقواعد الصدق لأنه الزم المتعاقد بان يبوح للمتعاقد الاخر بما لديه من معلومات عن
العقد ...
لكن مع ذلك المشرع لم يكن حريصا على ضمان
الالتزام بالصدق الكامل عندما وضع شروطا لا يمكن القول بان هناك تدليس بدونها. و
اهمها ان يؤدي التدليس الى جر المتعاقد الاخر الى التعاقد – "التدليس
الدافع" – اما اذا لم يكن دافعا التعاقد, بمعنى ان المدلس عليه كان سيتعاقد و
لو لنه ادلى له بهذه المعلومات, فانه لا يمكن القول بان هذا الطرف اخل بالتزامه
بالصدق و الادلاء بالبيانات الى المتعاقد الاخر. اذن الجزاء يمكن توقيعه لكن في
حدود معينة. ثم يجب ان يرد هذا التدليس على خاصية اساسية في العقد, و اذا لم ينصب
هذا الكتمان على عناصر اساسية من عناصر التعاقد لا يمكن توقيع الجزاء على هذا
الكتمان, اذن كان هناك صدق لكنه في حدود معينة و مشروطة بشروط معينة لا بمكن ان
يتوفر من خلالها الصدق التام.
المشرع الان في مدونة التجارة غير هذا
التوجه و اضاف اليه شيء جديد و هو التزام الطرفين بمنتهى قواعد الصدق. بمعنى لا
يجوز لأي طرف ان يخفي شيئا عن الطرف الاخر, مهما كان اهميته سواء كان سيؤدي الى
التعاقد او لا, دافع او عرضي ثانوي.
و
عذر المشرع في هذا الالتزام هو ان الامر يتعلق بوكالة ذات مصلحة مشتركة, اذن طالما
ان الامر يتعلق بمصلحة مشتركة بين الطرفين فلما لا نفرض الصدق التام.
و يتمثل بالأساس في:
-
التزام الوكيل
بعدم المنافسة: فبالنسبة للوكيل التجاري يتجلى في الالتزام بعدم المنافسة, لأنه
يعد مرتكبا لخطأ اذا ما قام بتمثيل موكل منافس لموكله, حسب المادة 393 من م.ت. و
ان كانت نفس المادة اجازت للوكيل تمثيل عدة موكلين لكن بشرط الالتزام بعدم
المنافسة , و للقضاء السلطة التقديرية في تحديد ذلك. مع الاشارة الى ان المشرع
الفرنسي اجاز للطرفين الاتفاق على مخالفة الالتزام بعدم المنافسة.
-
التزام الموكل
باحترام شرط الحصر: هذا يعني ان العمولات الواجبة عن كل العمليات التي اجريت في
المنطقة التي اتفق عليها الموكل و الوكيل – غالبا ما يتم الاتفاق على ذلك - بان
على الوكيل ان يؤدي نشاطه في هذه المنطقة الجغرافية المعينة, او ربطه بزبناء
محددين او هما معا, فان العمليات التي انجزت فيها تكون من نصيب الوكيل التجاري و
لو من دون تدخله.
-
الالتزام
بالإعلام:
الالتزام بالإعلام او الاخبار كما يسميه بعض
الفقه, اي تقديم احد المتعاقدين معلومات عن كل ما يتعلق بالعقد الى الطرف الاخر. و
هو التزام متبادل. فما هو مضمون التزام الوكيل بالإعلام و التزام الموكل بالإعلام
؟
+ التزام الوكيل بالإعلام: لم تحدد
المادة 395 من م.ت مضمون المعلومات التي يجب على الوكيل ان يصرح بها الى الموكل,
لكن يمكن القول ان الالتزام بالإعلام يتجلى في تقديم المعلومات المتعلقة بتنفيذ
الوكالة, اي يجب عليه ان يقدم معلومات عما توصل اليه في تنفيذ الوكالة في جميع
مراحلها, و ان يقدم للموكل معلومات عن حالة السوق بالنسبة للبضاعة, و تعامل
الزبناء معها, و ما يعيبونه عليها, و ما يرغبونه فيها من تحسينات اضافية, و اعلامه
كذلك بالبضاعة المنافسة, و فضلا عن ذلك فهو يقدم اهم شيء يقدمه الوكيل للموكل هو الحساب
و هو ينقسم الى نوعين:
-
المحاسبة
الدورية المتعلقة بكل صفقة على حدة.
-
البيانات
الحسابية التي تقدم عند نهاية الوكالة.
و في الواقع هذه البيانات التي يقدمها
الوكيل للموكل فيما سمي الالتزام بالإعلام هي مفيدة للطرفين معا, مفيدة للموكل لأنه
يعتمد عليها في تحسين بضاعته في السوق, اذن يستغلها في خدمة المصلحة المشتركة و
تطوير سياسته الاقتصادية, و فيما يتلاءم مع رغبات و حاجيات الزبناء. اذن هو في
النهاية يتفادى المأخذ التي يأخذ على بضاعته فيطورها الى الاحسن من اجل ان يحتل
رقعة في السوق اكبر مما هي عليه, و هذا يصب في المصلحة المشركة.
مفيدة للوكيل بطريقة غير مباشرة, لان الموكل
سيزوده بالتعليمات المناسبة و التي تعود عليهما بالنفع معا, فيتفادى الموكل و
الوكيل العمل بتعليمات يعلمان مسبقا بانها غير مفيدة, اذ يمكن في النهاية ان يحسن
من الرقعة الجغرافية التي يشتغل فيها الوكيل.
و اعلام الموكل مفيد للوكيل من جانب انه
يتفادى اتخاذ قرارات لا يريد الموكل اتخاذها, او يريد ذلك لكن بطريقة اخرى او في
وقت لاحق ...
+ التزام الموكل بالإعلام: جميع
المعلومات التي تسهل على الوكيل تنفيذ الوكالة, و مادام ان الامر يتعلق بالوكالة
فان اول البيانات التي يجب على الموكل ان يدلي بها الى الوكيل هي المتعلقة بالبضاعة,
من حيث المواصفات, التركيبة, الاحتياطات الواجب اتخاذها عند التشغيل, الاثار
المترتبة عليها, كافة البيانات التي تفيد في تنفيد الوكالة حتى يعرف الوكيل كيف
يتعامل مع الزبناء عندما يطلبوا منه شروحات عن جانب معين من جوانب البضاعة. اذن
فالوكيل يجب ان يكون على علم مسبق بكل ما يتعلق بالبضاعة, وهذا ينصب في المصلحة
المشتركة.
ب- الالتزامات المترتبة على كل طرف في عقد
الوكالة التجارية:
بالإضافة الى الالتزامات المتقابلة بين
الطرفين, هناك التزامات مترتبة على كل طرف على حدى.
-
التزامات
الوكيل التجاري:
الوكيل التجاري يلتزم بالتزامين اساسين,
اولا التنفيذ الاحترافي للوكالة التجارية, ثم الالتزام بالمحافظة على السر المهني,
بالإضافة الى تقديم حساب عن مهامه.
1) التنفيذ الاحترافي للوكالة التجارية:
تنفيذ الوكالة كرجل حرفة كفء هذا هو مصطلح
المشرع, و كان هذا الاخير يشدد من مسؤولية الوكيل و ان كان هذا ليس جديدا في مجال
المسؤولية بصفة عامة, تشديد المسؤولية بناء على الطابع الاحترافي ليس جديدا في
القانون, اذ يستشف من ق.ل.ع انه يشدد الجزاء على البائعين المحترفين, فكان
الاحتراف اذن سببا لتشديد المسؤولية على الوكيل, و هذا الاخير ملزم اذن بتنفيذ
الوكالة كرجل حرفة كفء و بالتالي يقل هامش الخطأ لذا الوكيل في تنفيذه للوكالة.
لكن هل يعني هذا ان التزامه بتنفيذ الوكالة
هو التزام بنتيجة ؟ هو ليس التزام بنتيجة, اذ هو يلتزم بوسيلة اي استخدام كافة
الوسائل الموفرة لديه من اجل تنفيد الوكالة. و بالتالي فمسؤوليته مبنية على خطأ
واجب الاثبات في حالة وقوع نزاع, و الموكل عليه ان يثبت وجود خطأ في جانب الوكيل,
و الوكيل من جهته عليه ان يثبت فقط انه استعمل الوسائل المتوفرة لديه من اجل تنفيذ
الوكالة, و غير مجبر على اثبات انه لم يرتكب اي خطأ. و ان كان من الناحية العملية
لا يبقى الوكيل مكتوف الايدي الى ان يثبت في حقه الخطأ, بل هو ايضا يحاول ان ينفي
اي خطأ من جانبه. اذن فمسؤوليته من هذه الناحية غير مشددة, على العكس لو كان
التزامه بنتيجة, اي الالتزام بتنفيذ العقد الى النهاية بمعنى انه يضمن تنفيذ الطرف
الاخر للالتزامه, و اذا لم ينفذ الطرف الاخر لالتزامه سيسأل الوكيل التجاري اذا ما
كيفنا التزامه انه التزام بنتيجة. لكن هذا غير موجود في الوكالة التجارية اصلا, فهو
لا يلتزم في الوكالة بان ينفذ الطرف الاخر العمل. فهو يبرم العقد و لا دخل له في
ان ينفذ الطرف الاخر ام لا.
لكن يمكن ان يكون التزامه بنتيجة اذا التزم
بمقتضى العقد بالضمان, و بالتالي يتحول التزامه من التزام بوسيلة الى التزام
بنتيجة و يصبح بالتالي التزامه مشدد. و اذا ما قاضاه الموكل فان هذا الاخير غير
مجبر بان يثبت ارتكاب الوكيل للخطأ, لان الخطأ هنا مفترض في جانب الطرف الاخر, و
لكن هذا الافتراض يقبل اثبات العكس بمعنى اصح الوكيل هو الذي عليه ان يثبت شيئا سلبيا
و هو انه لم يرتكب خطئا, و لكن الموكل يثبت ان النتيجة المرجوة من العقد لم تتحقق.
الا اذا اثبت ان عدم التنفيذ للالتزام يرجع الى القوة القاهرة او الحادث الفجائي.
لكن خارج حالة الضمان هذه فان المشرع نص على
ان ينفذ الوكيل التزاماته تجاه الموكل كرجل حرفة كفء, اي مطلوب فيه الكفاءة و
بالتالي فان مسؤوليته ستكون مشددة بناء على الصفة الاحترافية له.
2) الالتزام بالمحافظة على السر المهني:
الوكالة هي ذات مصلحة مشتركة و مبنية على الصدق
و التعاون بين الطرفين, و بالتالي فالموكل من الطبع انه سيبوح بأسرار مهنته الى
الوكيل اما فيما يعطيه اليه من معلومات حول البضاعة – المكونات, كيفية الاستعمال
... – فضلا على انه يرسم له السياسة الاقتصادية التي تتبع من طرف الموكل, فهو يبوح
له بأسرار صناعته, و احيانا في اطار التعاون المشترك قد يحصل الوكيل على معلومات
دون ان يدلي له بها الموكل. اذن هل يلزم بالمحافظة على السر بالنسبة الى النوعين
من المعلومات ؟ نعم هو ملزم بالحفاظ على السر المهني حتى في ظل غياب نص صريح, سواء
اكانت المعلومات ادلى بها الموكل او تلك التي اكتشفها شخصيا, لأنه ما كان ليحصل
عليها لولا التعامل الذي دخل فيه مع الموكل. و اسا ذلك علاقة الثقة التي تطبع عقد
الوكالة و ما تتميز به من اعتبار شخصي.
فإفشاء السر خلال تنفيذ العقد يمكن ان يضر
بمصلحة الموكل, لكن السؤال المطروح هو هل جميع المعلومات المكتسبة خلال تنفيذ
العقد تدخل في اطار المحافظة على السر المهني ؟
ذهب بعض الفقه الى ان المعلومات التي تدخل
في هذا الاطار هي المعلومات المكتسبة خلال مدة الوكالة التجارية و التي يجب ان
تبقى خفية و سرية من قبيل اسرار الانتاج, خصوصيات البضائع, الى غير ذلك من
المعلومات. اما المعلومات التي يملكها العموم فهي تستبعد من هذا النطاق.
و
يبقى للموكل حق المطالبة بالتعويض في حالة خرق هذا الالتزام من طرف الوكيل, و يمكن
حتى مقاضاته بجريمة افشاء السر طبقا للقواعد العامة.
-
التزامات
الموكل التجاري:
تتمثل التزامات الموكل في تمكين الموكل بسبل
انجاز مهمته, و بدفع الاجرة اليه.
1. التزام الموكل بتمكين الوكيل بسبل انجاز مهمته:
نصت الفقرة الاخيرة من المادة 359 من م.ت
على انه " يجب
على الموكل أن
يمكن
الوكيل التجاري بسبل إنجاز مهمته التي يجب عليه القيام بها كرجل حرفة كفء".
بمعنى ان يقدم له كل المعلومات التي تشكل موضوع الالتزام بالإعلام هي هنا تتعلق
بتنفيذ الالتزام, كل ما في الامر ان المشرع نص على التزام الاعلام في جهة, و نص
على التزام الموكل بتمكين الوكيل من سبل انجاز المهمة في مكان اخر, و كانه فصل
بينهما.
لكن من اجل اعطاء خصوصية لالتزام الموكل
بتمكين الوكيل من سبل انجاز مهمته, يضاف الى الاعلام مجموعة من الامور الاخرى
خارجة عن الالتزام بالإعلام. اذ ان الموكل ملزم بان يدلي الى الوكيل بجميع المبالغ
التي قام بتسبيقها للزبناء في اطار تنفيذ الوكالة و الا سيكون هناك اخلال بالثقة
مما يستوجب التعويض. ملزم ايضا بتمكينه من جميع المصاريف التي انفقها على الإشهارات
مثلا, او التنقلات التي يقوم بها في سبيل تنفيذ الوكالة, لأنها مصاريف انفقها في
سبيل المصلحة المشتركة.
الوكيل قد يضيف الى موضوع الوكالة اعمال
اخرى تتجلى مثلا في تخزين البضاعة في مستودع مؤدى عنه, اذن يجب على الموكل ان
يمكنه من مبالغ الايداع و التخزين, و الوكيل بدور عليه ان يدلي بسندات تفيد على ان
هذه المبالغ واقعية. اذن هذا لا يشمل الالتزام بالإعلام بل يشمل التزام خاص و هو
تمكين الوكيل من سبل انجاز مهمته, اي يساعده.
2. الالتزام بأداء اجرة الوكيل:
المشرع
و ان نص على الاجرة فهو لم يحددها, و بالتالي المهم هو الاتفاق على الاجرة بين الطرفين.
و لكن اذا لم يتم الاتفاق على مبلغها يعتمد العرف المعمول به, و اذا لم يكن هناك
عرف فانه يمكن الرجوع الى القضاء الذي له السلطة التقديرية في تحديد الاجر. و اذا
تم تحديد المبلغ فانه غالبا ما يشكل عمولة, او نسبة مئوية من الصفقات التي يبرمها
الوكيل باسم و لحساب الموكل, و ناذرا ما تكون في شك مبلغ جزافي, اي مبلغ يؤدى عن
كل صفقة معينة. و يمكن للقاضي اذا ما احيل عليه الامر في تحديد المبلغ ان يستعين
بخبرة في تحديد مبلغ العمولة. و يعتمد في هذا الامر على عدة عناصر تساعد في تحديد
مبلغ العمولة اهمها مبلغ الصفقة, المجهودات المتطلبة لإنجازها, رقم الاعمال المحقق
خلال مدة تعامل الوكيل مع الموكل...
و انطلاقا من المادتين 393 و 398 من م.ت
يتضح ان المشرع استبعد مجانية الوكالة, و بالتالي يستحق الوكيل التجاري عمولة عند إبرام
العملية بفضل تدخله أو عند إبرامه بمساعدة أحد من الأغيار ممن سبق أن حصل سابقا على
زبائن لأجل عمليات مماثلة وذلك بالنسبة لكل عملية تجارية أنجزت خلال العقد. عندما يكلف الوكيل التجاري بمنطقة
جغرافية أو بمجموعة معينة من الأشخاص فإنه يستحق أيضا عمولة من أجل كل عملية أبرمت
خلال سريان العقد مع شخص ينتمي لهذه المنطقة أو لهذه المجموعة.
م 398 من م.ت.
و إذا تعلق الأمر بعملية تجارية أبرمت
بعد انتهاء عقد الوكالة، فإن الوكيل يستحق عمولة سواء أكانت العملية مترتبة أساسا
عن النشاط الذي بذله خلال تنفيذ العقد وأبرمت في أجل سنة من تاريخ وقف العقد، أو
كان أمر الزبون تم تسلمه من طرف الموكل أو من طرف الوكيل قبل هذا الوقف. لا يستحق الوكيل التجاري أية عمولة إذا
ما استحقها الوكيل السابق عملا بالفقرة الأولى إلا إذا تبين من الظروف أن من
الإنصاف توزيع العمولة بين الوكيلين التجاريين معا.
م 400 من م.ت.
تستحق العمولة بمجرد تنفيذ العملية من
طرف الموكل أو من التاريخ المفترض لتنفيذها تطبيقا للاتفاق الحاصل مع الزبون أو
أيضا بمجرد قيام الزبون من جهته بتنفيذ العملية. تؤدى العمولة على الأكثر، في اليوم
الأخير من الشهر الموالي للأشهر الثلاث التي استحقت فيها.
لا
يمكن فقدان الحق
في
العمولة إلا إذا ثبت أن العقد المبرم بين الزبون والموكل سوف لا ينفذ دون
أن
يعزى
ذلك لهذا الأخير. يرجع
الوكيل التجاري
التسبيقات
التي سبق أن توصل بها في حالة فقدان الحق في العمولة. م 401 من م.ت.
و اذا لم يؤدي الموكل العمولة للوكيل في
التاريخ المحدد فان هذا الاخير يمكنه اما ان يخطر الموكل بالأداء لتسري عليه فوائد
التأخير, و اللجوء الى القضاء للمطالبة بالعمولات وحدها, او العمولات و المصادقة
على الفسخ الذي تسبب فيه الموكل, و المطالبة من ثم بالتعويض.
4- انهاء عقد الوكالة التجارية:
كأي عقد من العقود، ينتهي عقد الوكالة
التجارية بنفس الطريقة و لنفس الأسباب التي تنتهي بها العقود الأخرى جميعا، و مع
ذلك و نظرا لخصوصية هذا العقد، فان هناك طرقا خاصة ينتهي بها وردت في مدونة
التجارة فرضتها المصلحة المشتركة, و جعلت انهاء الوكالة التجارية مطبوعا بالتعويض.
أ-
القواعد
المنظمة لإنهاء الوكالة التجارية:
سواء كان عقد الوكالة التجارية محدد او غير
محدد المدة فلا تكفي الارادة المنفردة لإنهائها بل لابد من تعويض الوكيل عن اضرر
الذي تلحقه, كما يتطلب الانهاء توجيه اشعار بذلك الى الطرف الاخر.
-
الانهاء
بالإرادة المنفردة:
اذا رجعنا الى القواعد العامة في قنون
الالتزامات و العقود, و خاصتا الفصل 931 يتبين ان المشرع نص صراحتا على ان الوكالة
تنتهي بمجرد اشعار من طرف الموكل. هذه القاعدة العامة لا تنسجم و لا تنطبق على
الوكالة التجارية, و بالتالي انهاء الموكل للوكالة التجارية بالإرادة المنفردة في
غياب اتفاق مع الوكيل يؤدي بالضرورة الى تعويض الموكل للوكيل دون ان يحتاج الوكيل
الى اثبات الضرر الذي لحقه, فالضرر مفترض و متوفر بمجرد انهاء الموكل للعقد بالإرادة
المنفردة.
و السبب في هذه الوضعية هو ان الوكالة
التجارية تبنى على المصلحة المشتركة, و ان وقف الموكل للعمل بالوكالة من شأنه ان
يحرم الوكيل من نصيبه في هذه المصلحة المشتركة, نصيبه في السوق, في الزبناء و
الصفقات التي تبرم مع الموكل. اذن فالوكيل هنا سيتضرر بينما الرابح من الانهاء هو
الموكل لأنه استحوذ على كافة المصلحة المشتركة سواء ما تعلق فيها بحصته او بحصة
الوكيل.
-
الالتزام بالإشعار:
عقد الوكالة التجارية يمكن ان يبرم لمدة
محدد او غير محدد, كما يمكن ان يبرم لمدة محددة و يتحول الى مدة غير محددة اذا
استمر الاطراف بالعمل به بعد انتهائه, و على من يريد انهاء العقد غير المحدد المدة
ان يوجه اشعارا الى الطرف الاخر بذلك, تحت طائلة اداء التعويض.
= الزامية الاشعار بالأنهاء في عقد لوكالة
التجارية غير محددة المدة: نص المشرع على ذلك في المادة 396 من م.ت بانه "
يمكن
لكل طرف وضع حد
لعقد
غير محدد المدة بتوجيه إشعار للطرف الآخر". بمعنى ان الطرف الذي يريد
وضع حد للوكالة هو الذي عليه ان يخبر الطرف الاخر بذلك. كما يعتمد الاشعار في
انهاء العقود محددة المدة التي تتحول الى عقود غير محددة المدة باستمرار اطرافها
بالعمل بها بعد انصرام مدتها, و ان كانت هذه القرينة هي قرينة بسيطة و تقبل اثبات
العكس. و للأطراف الحرية في ابرام عقد او عدة عقود محددة المدة, لكن من اجل تفادي
التحول من عقد محدد الى غير محدد يجب التنصيص على ذلك صراحتا في العقد من اجل
تفادي قرينة التحول. مع الاشارة الى ان الاشعار لا يعتبر ملزما في حالة الخطـأ
الجسيم او القوة القاهرة.
+ اجل الاشعار حدده المشرع في المادة 396 من
م.ت التي جاء فيها " إن
أجل الإشعار شهر
واحد
بالنسبة للسنة الأولى من العقد وشهران بالنسبة للسنة الثانية منه وثلاثة
أشهر
ابتداء
من السنة الثالثة". لكن يمكن للأطراف أن يخالفوا هذه
المقتضيات، لكن فقط في نطاق منح آجال أطول شريطة أن لا يكون الأجل المفروض
للموكل أقل مدة من الأجل المفروض للوكيل التجاري. و عندما يتحول العقد المحدد المدة إلى عقد
غير محدد المدة، فإن احتساب
مدة
الإشعار تراعي المدة المحددة للعقد المنصرمة. وتوافق نهاية أجل الإشعار
نهاية
شهر
ميلادي.
و خلال مدة الاشعار يستمر تنفيذ عقد الوكالة
دون تغير, بحيث تستمر التزامات و حقوق الاطراف كما هي في السابق, و بالأخص شرط
الحصر الممنوح للوكيل ان وجد و التزام الوكيل بعدم المنافسة. و الاشعار هذا يكمن
دوره في تنبيه الوكيل الى عدم انفاق مصاريف في بيوعات مستقبلية.
لكن المشرع وان كان قد نص على ضرورة توجيه
الاشعار المتبادل لإنهاء عقد الوكالة غير محددة المدة فانه لم يحدد شكل هذا
الاشعار, لكن يمكن ان يتم عن طريق توجيه رسالة مضمونة مع الاشعار بالتوصل, او
الاشعار بواسطة مفوض قضائي.
= عدم احترام الالتزام بالإشعار يؤدي الى
تعويض الطرف الاخر ان كان له سبب.
+ عم الاشعار قد يكون مبررا و قد يكون غير
مبرر, لكن عندما ينتهي العقد بسبب خطأ جسيم ارتكبه الوكيل التجاري, او بسبب قوة
قاهرة, فان الاشعار لا يكون اجباريا.
و الاعفاء من الاشعار هنا يقتصر على الموكل
في حالة ارتكاب الوكيل لخطأ جسيم, و لا يمتد الى الوكيل في حالة ارتكاب الموكل
لخطأ جسيم, و ان كان هذا مخالف للعدالة و المنطق اللذان يستوجبان التسوية بين
الطرفين, و هذا ما نص عليه المشرع الفرنسي, حيث سوى بين الطرفين في حالة ارتكاب
احدهما خطأ جسيما.
اما القوة القاهرة فهي كل حادث غير متوقع و
خارج عن ارادة الشخص و لا يمكنه دفعه. و على من يتمسك بها ان يقيم الدليل على ذلك.
+ و يتعين على الموكل الذي لم يحترم اجل
الاشعار بالإنهاء تعويض الوكيل جبرا للضرر الضي لحق به, و ذلك استنادا الى مبلغ
العمولة التي كان الوكيل سيحصل عليها لو تم تنفيذ العقد بشكل عادي خلال اجل
الاشعار.
اما اذا كان الوكيل هو من اخل باجل الاشعار,
فان التعويض هنا يتم احتسابه بناء على ما كان سيكسبه الموكل خلال مدة الاشعار.
-
حق الوكيل في
التعويض عن انهاء العقد:
= المبدأ: الفقرة الاولى من المادة 402 من
م.ت تنص على انه " يستحق
الوكيل التجاري
تعويضا
عن الضرر اللاحق به من جراء إنهاء العقد وذلك رغم كل شرط مخالف ".
بمعنى ان الوكيل يستحق التعويض كمبدأ عن انهاء الوكالة التجارية, و من غير حتى ان
يثبت انه قد تضرر من ذلك.
و بالتالي يمكن القول ان المشرع اراد من خلل
المادة 402 من م.ت ان يأخذ بمبدأ الحق في التعويض بمجرد تحقق الانهاء, و بذلك
فالتعويض يشمل العقود غير محددة المدة, و عدم تجديد العقود محددة المدة, و الانهاء
قبل الاجل. لان المصلحة المشترك القائمة على التعاون بين الطرفين موجودة في كل من
العقد محدد المدة و الغير محدد المدة و انهاء هذا العقد او ذاك.
و التعويض يحصل عليه الوكيل ايضا في كل
الحالات التي ينهي فيها الموكل العقد, سواء بانتهاء نشاطه الصناعي موضوع الوكالة,
او وضع الحد لكافة انشطته التجارية, او افتتاح مسطرة المعالجة في مواجهته. و في
جميع الحالات التي يخالف فيها الموكل مقتضيات العقد, كان يرتكب خطأ جسيما يؤدي الى
انهاء العقد, او التغيير في مقتضيات العقد بإرادته المفردة. كما يستحق الوكيل
التعويض ايضا حتى في حالة انهاء الموكل العقد بسبب وفاة الوكيل او تدهور صحته بفعل
المرض او السن.
و انطلاقا من مفهوم المصلحة المشترك المنصوص
عليها في المادة 395 من م.ت فان كل واقعة انهاء تؤدي الى خسارة اكيدة بالنسبة
للموكل تبرر حقه في التعويض.
+ انقضاء الحق في التعويض: تنص الفقرة 1 من
المادة 402 من م.ت ان الوكيل التجاري الذي له الحق في التعويض عن انهاء العقد,
عليه " توجيه إشعار إلى الموكل يخبره بنيته في المطالبة بحقوقه في التعويض داخل أجل سنة من
تاريخ إنهاء العقد". و الا فالوكيل يفقد حقه في التعويض و التعويض لا غير,
حيث يمكنه ان يطالب بباقي الحقوق الاخرى التي يمكنه المطالبة بها عند نهاية العقد,
كالعمولة غير المؤدات او التعويض عن عدم تنفيذ الالتزام بالإشعار.
+ مبلغ التعويض هو قدر مالي يدفعه الموكل
الى الوكيل بمناسبة انهاء عقد الوكالة الذي يشكل في حد ذاته ضررا للوكيل.
لكن المشرع و ان نص على حق الوكيل في
التعويض فانه لم يحدد ميلغه او طريقة احتسابه, و تبقى لمحاكم الموضوع السلطة
التقديرية في ذلك ما لم يتفق الطرفان على المبلغ.
و التعويض يحتسب انطلاقا من العمولة المستحق
و ليس على اسا العمولة المؤدات للوكيل, بالإضافة الى ان هذا التعويض يجب ان يشمل
عدة عناصر من قبيل المصروفات التي انفقها الوكيل على مكاتبه و محلاته من اجل
مباشرة نشاطه, و نفقات الدعاية, و ما يعادل فقده للزبناء. و الضرر الذي يلحق
الوكيل يعتبر محققا منذ تاريخ انهاء العقد, و بالتالي فان التعويض يستحقه منذ ذلك
الوقت و لا تؤثر الاحداث التي تقع لاحقا على مبلغ التعويض.
و تجدر الاشارة الى ان الاجتهاد القضائي
الفرنسي حدد مبلغ التعويض عن الانهاء في قيمة السنتين الاخيرتين من العمولة
الاجمالية.
= الاستثناءات: هناك حالات استثنائية لا
يحصل فيها الوكيل على التعويض على الانهاء الانفرادي الذي يتم من طرف الموكل, و
هذه الحالات 3 و هي:
1. الخطأ الجسيم المرتكب من طرف الوكيل:
و هو
خطأ لا يغتفر بمعنى انه خطأ قريب من الخطأ العمدي, فهو في مرحلة وسطى بين الخطأ
البسيط و الخطأ المتعمد.
و في
هذا الاطار تنص المادة 402 من م.ت على ان الوكيل لا يستحق اي تعويض " إذا ما
تم إنهاء
العقد
بسبب خطأ جسيم للوكيل التجاري". و يعد خطأ جسيما كل ما يمس بالمصلحة
المشتركة. فاذا كان الوكيل التجاري قد ارتكب خطأ جسيما, يمكن للموكل ان ينهي
الوكالة بالإرادة المنفردة دون مطالبته بتعويض الوكيل عن الضرر الذي لحقه. ولا
يلزم حتى ببعث اشعار بالإنهاء الى الوكيل.
و يرى بعض الفقه ان اثبات الخطأ الجسيم يقع
على الموكل لان التزام الوكيل التزام بوسيلة. و ليس التزاما بنتيجة. و عليه فان
الموكل يجب عليه ان يقيم الدليل على ان الوكيل يمس فعلا بالمصلحة المشتركة. و تجدر
الاشارة الى ان صفة الخطأ في التصرفات الصادرة عن الوكيل تقدرها المحكمة و ليس
الاطراف. و جسامة الخطأ تقدر بالنظر الى اهمية التصرف المعني. و في اطار المصلحة
المشتركة. لكن اذا كان خطأ الوكيل مبرر بتصرف خاطئ قام به الموكل فانه لا يحرم من
التعويض.
2. التوقف الناجم عن فعل الوكيل:
الفقرة 3 من المادة 402 من م.ت تنص على ان
الوكيل لا يستحق التعويض " إذا ما كان هذا التوقف ناجما عن فعل
الوكيل التجاري ما لم يكن مبررا بظروف تنسب إلى الموكلين أو عن الاستحالة التي وجد فيها
الوكيل التجاري بكيفية معقولة وحالت دون متابعة نشاطه بسبب سنه أو عاهة أو
مرض."
اذن الوكيل يمكنه ان ينهي الوكالة بإرادته
المنفرة, لكنه يحرم من حقه في التعويض, بالاضافة الى انه يسأل عن الضرر الذي يلحق
بالموكل بسبب هذا الانهاء, ما لم يكن هذا التوقف مبرر بخطأ ارتكبه الموكل, او
متعلق بأمور صحية للوكيل كتقدمه في السن او مرضه و اصابت بعاهة منعته من الاستمرار
في تنفيذ الوكالة.
3. تنازل الوكيل عن حقوقه للغير:
الفقرة 3 من المادة 402 من م.ت تنص على ان
الوكيل لا يستحق التعويض في حالة " إذا ما قام الوكيل التجاري بتفويت حقوقه
والتزاماته العقدية إلى الغير، باتفاق مع الموكل". وبهذا
فان المشرع قد جعل من الوكالة التجارية عقدا متعلقا بالذمة المالية للوكيل, و ذلك
من خلال قابلية العقد للتفويت بين الاحياء. اذن يمكن للوكيل ان يفوت العقد الى
وكيل اخر ليتابع تنفيذه مع نفس الموكل, و ذلك بتقديم الوكيل خلفه الى الموكل
ليوافق عليه, و في هذه الحالة الوكيل التجاري لا يستحق التعويض.
تعلق العقد بالذمة
المالية للوكيل يتضح ايضا من خلال امكانية انتقال الحقوق و الالتزامات الناشئة عن
الوكالة من الوكيل الى ورثته اذا ما قبل الموكل بذلك, و لكن اذا رفض فانه يمنحهم
التعويض الواجب للوكيل نتيجة انهاء العقد بسبب موت هذا الاخير, حسب الفقرة 2 من
المادة 402 من م.ت التي تنص على انه " يستفيد ذوو حقوق الوكالة التجارية من نفس حق
التعويض في حالة توقف العقد بسبب وفاة مورثهم". و هذا خلاف
ما عليه الامر في ق.ل.ع الذي يجعل الوكالة منتهية بوفاة الوكيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق