بعد تقديم
المقال يقوم رئيس المحكمة بتعيين القاضي المقرر او القاضي المكلف بالقضية بحسب
الاحوال, هذا الاخير الذي يتتبع اطوار الدعوى ابتداء من الاستدعاء لأول جلسة الى
حين صيرورة القضية جاهزة و قابلة للحكم فيها.
و انطلاقا من اول جلسة يفتح باب
مناقشة الملف اذ يتقدم كل طالب بما يعزز طلباته, كما يسمح لأشخاص اخرين بالانضمام
الى الدعوى سواء كانت المسطرة كتابية بحيث يتم ذلك بتبادل المذكرات, او شفوية عن
طريق المرافعات, و ذلك من اجل الحفاظ على حقوقهم و هو ما يعرف بالتدخل الارادي
المنصوص عليه في الفصل 111 من ق.م.م الذي جاء فيه ما يلي:" يقبل التدخل
الإرادي ممن لهم مصلحة في النزاع المطروح".
كما ان هناك ما
يسمى بالإدخال أو التدخل الالزامي, و هو ادخال الغير بصورة الزامية و قد تم
التنصيص عليه في الفصول من 103 الى 108 من ق.م.م.
و من اهم
الاجراءات التي تشملها مرحلة مناقشة القضية:
1-
الخبرة:
الخبرة هي
اجراء من خلاله يتمكن القاضي من الوصول الى اثبات واقعة يدعيها احد الخصوم او
ينفيها.
و لقد عالج
المشرع المغربي الخبرة في الفصول من 59 الى 66 من ق.م.م و التي لا تتضمن تعريفا
لها.
و الخيرة هي
وسيلة من وسائل الاثبات, لان التقرير الذي يعده الخبير قابل للمناقشة, كما يمكن
للطرف الاخر ان يجري خبرة مضادة, و هذا يثبت للمحكمة ايضا اذ يجوز لها ان تامر
باتمام الخبرة كما جاء في الفصل 64 من ق.م.م:" يمكن للقاضي إذا لم يجد في
تقرير الخبرة الأجوبة على النقط التي طرحها على الخبير أن يأمر بإرجاع التقرير
إليه قصد إتمام المهمة.
كما يمكنه
تلقائيا أو بطلب من أحد الأطراف استدعاءه لحضور الجلسة التي يستدعى لها جميع
الأطراف لتقديم الإيضاحات والمعلومات اللازمة التي تضمن في محضر يوضع رهن إشارة
الأطراف".
علما انه لا
يجوز الطعن في الخبرة الا بالزور, و ان كان القاضي غير ملزم بالأخذ بها, فالمحكمة
لها سلطة تقديرية واسعة في ذلك لكنها ملزمة بالتعليل و الا عرضت حكمها للنقض.
2-
اليمين:
اليمين هي
اشهاد الله تعالى على صدق ما يخبر به الحالف, و تؤدى بالصيغة التالية " اقسم
بالله العظيم". فقد خصص لها المشرع الفصول من 85 الى 88 من ق.م.م.
و تنقسم اليمن
الى متممة و حاسمة بالإضافة الى يمين ثالثة اضافها الفقه تعرف باليمين الاستيثاق:
-
اليمين المتممة: هي التي توجهها المحكمة الى احد الاطراف لإتمام و تعزيز
ادعاءاته, و المحكمة لها سلطة تقديرية في ذلك, كما ان على الطرف الذي وجهت اليه
ادائها و لا يحق له الرفض, فقد ورد في شانها انه:" إذا اعتبرت المحكمة أن
أحد الأطراف لم يعزز ادعاءاته بالحجة الكافية أمكن لها تلقائيا أن توجه اليمين إلى
هذا الطرف بحكم يبين الوقائع التي ستتلقى اليمين بشأنها ...". الفصل 87
من ق.م.م.
-
اليمين الحاسمة: و هي التي يوجهها
احد الخصمين الى الاخر حسما و انهاء للنزاع, و بأدائها يصبح النزاع منتهيا لفائدة
الحالف, و بالنكول عنها يصبح النزاع ايضا منتهيا لكن لفائدة الطرف الذي وجهها. فقد
جاء في الفصل 85 من ق.م.م في شانها ما يلي:" إذا وجه أحد الأطراف اليمين
إلى خصمه لإثبات ادعاء أوردها هذا الأخير لحسم النزاع نهائيا فإن الخصم يؤدي
اليمين في الجلسة بحضور الطرف الآخر أو بعد استدعائه بصفة قانونية ... ".
-
يمين الاستيثاق: و هي اليمين التي توجه الى احد الطرفين رغم اعفاء
القانون له من اي اثبات. الفصل 389 من ق.ل.ع.
الفقرة
الثانية: المداولة:
بعد الانتهاء
من اجراءات التحقيق و المناقشة يصدر القاضي المقرر امرا بالتخلي وفقا للفصل 335 من
ق.م.م, تعبيرا عن كون القضية جاهزة للحكم و يعين في الوقت ذاته تاريخ الجلسة التي
تدرج فيه.
و يترتب على
هذا الامر عدم قبول اي طلب او مستند يتقدم به احد الاطراف, باستثناء المستندات
التي ترمي الى التنازل, كما يمكن فتح المناقشة من جديد لكن بقرار معلل اذا طرأت
بعد الامر بالتخلي واقعة جديدة من شانها التأثير على الحكم.
و بإقفال باب
المناقشة و اصدار امر بالتخلي تحجز القضية للمداولة تمهيدا للنطق بالحكم. ف 343 من
ق.م.م.
فالمداولة هي
الفترة الزمنية المعينة التي تمنحها الهيئة الحاكمة لنفسها للتشاور و التفكير في
الحكم, من مميزاتها انها سرية و تتم في غيبة الاطراف اذ لا يحق لهم و لا للنيابة
العامة الحضور اثناء المداولة.
و اذا تعذر على
احد القضاة المعنيين بالمداولة الحضور لسبب من الاسباب (مرض, وفاة, عزل, نقل) فتح
باب المناقشة من جديد.
و تتخذ
المداولة عدة صور تختلف باختلاف نوع القضية, فقد تتم المداولة في الجلسة مباشرة
بعد مراجعة الاوراق, و قد تحتاج المداولة الى بعض الوقت بحيث يتم رفع الجلسة للمداولة
لبضع دقائق, و قد يتم رفع الجلية و تأجيلها الى بضعة ايام اذا كانت القضية
مستعصية, و تطبق هذه الصور على التأمل.
و تجدر الاشارة
في الختام الى ان المشرع المغربي يأخذ
براي الاغلبية في المداولة دون ان يسمح بالإشارة الى الرأي الاخر في الحكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق