الأحد، 3 يوليو 2016

القانون الجنائي الخاص : العصابات المسلحة

خصص المشرع المغربي لجريمة العصابات المسلحة المادتين 203 و 205 من القانون الجنائي.



القانون الجنائي الخاص : العصابات المسلحة
 المادة 203 تنص على انه ياخذ بجناية المس بالسلامة الداخلية للدولة و يعاقب بالاعدام كل من تراس عصابة مسلحة او تولى فيها وظيفة او قيادة ما و ذلك اما بقصد الاستيلاء على اموال عامه  واما بقصد اكتساح عقارات او املاك او مساحات او مدن او حصون او مراكز او مخازن او مستودعات او موانئ او سفن او مراكب مملوكة للدولة  واما بقصد  نهب و اقتسام الممتلكات العامة سواء كانت قومية او مملوكة للغير او لفئة من المواطنين و اما بقصد الهجوم على القوات العمومية العاملة ضد مرتكبي تلك الجنايات او مقاومتها.
 وتطبق نفس العقوبة على من تولى تسيير العصابات الثائرة او تاليفها او قام بتنظيمها او امر بتنظيمها او زودها عمدا باسلحة او ذخيرة اوا ادوات جنائية او بعث لها بامدادات من المؤن او قدم مساعدة باية وسيلة اخرى الى مسير العصابات او قوادها.


 المادة 205: في حالة التجمع الثوري الذي يكون الغرض منه او ينتج عنه احدى الجنايات المشار اليها في الفصل 203 فان الاشخاص الذين انخرطوا في تلك العصابات دون ان يباشروا فيها قيادة ولا وظيفة معينة ولكن قبض عليهم في مكان التجمع يعاقبون بالسجن من 5 الى 20 سنة.

اركان جريمة العصابات المسلحة
 الركن المادي :
 لم يعرف المشرع المغربي جريمة العصابات المسلحة وانما ترك الامر للفقه و لتحليل الركن المادي لهذه الجريمة يجب الاستعانة بالعناصر المكونة لها  طبقا للمادة 203 من القانون الجنائي و راي بعض الفقه بخصوصها:
-          العنصر الاول: ضرورة وجود عصابة مسلحة
 لا يشكل مجموعه من الناس عصابة بالمعنى الوارد في المادة 203 الا اذا وجد اتفاق و تخطيط و تنظيم و قيادة بين اعضائها و التي تختلف عن التجمع الذي هو عكسها. و لم توضح المادة 203 العدد الازم لتكوين عصابة و مما لا شك فيه انه لا يتصور وجود عصابة مكونة من شخص واحد بالاضافة الى ان هذه المادة تشترط للعقاب على هذه الجريمة وجود تنظيم و تسيير و قيادة و غيرها من الشروط الاخرى.
و يجب ان يكون عدد الافراد مناسبا مع الهدف الذي ترمي اليه فالاستيلاء على مال عام مثلا يتطلب اشخاص اقل عددا مما يتطلبه اكتساح مدينة. و يرى بعض الفقه ان امر تقدير هذا التناسب يبقى متروكا للقاضي.
و تشترط كذلك المادة في العصابات المسلحة ان تكون مسلحة و ليس معنى هذا ان يكون جميع افرادها مسلحين. و معنى السلاح وارد في المادة 303 من ق.ج. و يجب ان يكون السلاح مناسبا للغرض الذي يهدف الجناة لتحقيقه من حيث كميته او فعاليته و القاضي يقدر هذا التناسب حسب كل قضية على حدة.

-         العنصر الثاني: الوظيفة و الرئاسة و التأليف و التسيير و التنظيم للعصابة المسلحة:
الرئاسة هي الرئاسة الرسمية و لا يجب خلطها بالتسيير الذي هو الرئيس الحقيقي للعصابة المسلحة و يكون اكثر خطورة و اجراما و يكتفي بممارسة نشاط سري. و يمكن ان يجتمع في شخص واحد صفتي الرئيس و المسير و يمكن ان ينفرد شخص بمهمة الرئاسة بينما يتولى الاخر مهمة التسيير و تكون العقوبة واحدة في كلتا الحالتين.
 و يراد بتولي وظيفة او قيادة ما قيام شخص معين بمهمة محددة داخل العصابة كقيادة خلية من خلاياها او جلب السلاح او توزيع المنشورات او جمع المعلومات ...
و يقصد بالتأليف تكوين عصابة من مجموعة من الاشخاص القادرين على تنفيذ اهدافها و تتبعها مرحلة التنظيم و هي التخطيط لاهداف العصابة و توضيح الوسائل اللازمة لذلك.

-         العنصر الثالث: الاشتراك في العصابة المسلحة:
خص المشرع المغربي جريمة العصابات المسلحة بصورة اخرى للاشتراك غير المنصوص عليها في المادة 129 المتعلقة بالقاعدة العامة للمشاركة. و هكذا عاقب المشرع على هذه الجريمة بالاعدام و هي العقوبة المخصصة للفاعل الاصلي وذلك متى اتى احد الافعال التالية:
- تزويد العصابة عمدا و عن علم بالاسلحة او ذخيرة او ادوات جنائية عن وعي و ارادة و ليس صاحب متجر للاسلحة بمشاركة اذا تهجمت عليه عصابة و اخذت ما به من سلاح. و لا يشترط في المادة 203 لمعاقبة المشارك ان يستعمل فعلا السلاح او الذخيرة بل يكفي ان يكون لديه علم و ارادة عن هذا التقديم.
- بعث امدادات من المؤن الى العصابة سوداء بعد الجناية او قبلها ويجب ان يتعلق الامر بالامدادات وليس القوت.
- تقديم المساعدة باية وسيلة اخرى الى مسيري العصابة او قوادها او مساعدتهم على الاعمال التحضيرية او المسهلة لارتكاب الجريمة. وللقاضي سلطة تقديرية واسعة لتحديد ما اذا كان العمل يشكل مساهمة مع الجناة ام لا.

الركن المعنوي :
 هو ضرورة وجود قصد جنائي لدى من تراس العصابة المسلحة او تولى فيها وظيفة او قيادة او قام بتسييرها او تاليفها او نظم او قام بتنظيمها ويتحقق هذا القصد الجنائي في ان يهذف الجاني الى ارتكاب احد الافعال الاتية:
-         الاستيلاء على اموال عامة كالنقود ومثيلاتها.
-         اكتساح عقارات او املاك او ساحات او مدن او حصون او مستودعات ...
-          الهجوم على القوات العمومية العاملة ضد مرتكبي هذه الجنايات ومقوماتها.

عقوبة جريمة العصابات المسلحة :
 العقوبة هي الاعدام طبقا لنص المادة 203 من القانون الجنائي و لقد خفف المشرع من هذه العقوبة بالنسبة للاشخاص الذين انخرطوا في العصابات المسلحة دون ان يباشر فيها قيادة ولا وظيفة معينة و لكن قبض عليهم في مكان التجمع الثوري حيث تحدد في السجن من 5 الى 20 سنة.
 و اعفى كذلك نص المادة 213 من العقاب الاشخاص الذين انخرطوا في العصابات المسلحة دون ان يباشروا فيها وظيفة او قيادة وانسحبوا بعد ذلك ولكن قبض عليهم خارج اماكن التجمع الثوري دون ان يحملوا سلاحا و دون ان يبدوا مقاومة.
 ولعل السبب الذي دفع المشرع المغربي الى اعفاء هؤلاء من العقاب هو العمل على تفكيك العصابة المسلحة و اضعافها تم القضاء عليها  لانهم اذا علموا بمعاقبتهم لا محال سيمضون في مخططاتهم و تكون بذلك النتائج وخيمة اكثر من عدم معاقبة الجناة ويقتصر الاعفاء على الجرائم المنصوص عليها في المادتين 203 و 205 من القانون الجنائي دون غيرها من الجرائم التي يكون قد ارتكبوها او شاركوا فيها اثناء الفتنة و هذا ما نصت عليه المادة 214 اضافتا الى ان المشرع سوى في العقاب بين من شارك في العصابة المسلحة و من تولى فيها وظيفة او قيادة او قام بتنظيمها او تاليفها او تسييرها.
 وقد شدد المشرع في العقاب على المساعدة ولم يقرر اي تخفيف او اعفاء من العقوبة في هذه الاعمال كما هو الامر بالنسبة للمنخرطين في العصابة المسلحة ولا شك ان المساعدة على تحقيق مثل هذه الاهداف لا تقل خطورة من المساهمة في تحقيقها مادامت انها ستزيد في اذكاء فتيل الثورة.

التفرقة بين جريمة العصابات المسلحة و جريمة الاعتداء:
 هناك نقاط التقاء بين الجريمتين من حيث الهدف السياسي و من حيث العقوبة و من حيث كونهما من جرائم امن الدولة الداخلي كما ان هناك نقاط اختلاف بينهما تتجلى في امكانية ارتكاب جريمة الاعتداء بواسطة شخص واحد في حين لا سبيل للحديث عن جريمة العصابات المسلحة عن ارتكابها بواسطة شخص واحد حيث يتطلب الامر مساهمين على الاقل كما لا تتحقق جريمة الاعتداء الا بعد ان يشكل فعل الجاني محاولة على الاقل اي البدء في التنفيذ في حين تتحقق جريمة العصابات المسلحة بمجرد ترئسها او تولي فيها وظيفة او قيادة حتى ولو لم تبدا في التنفيذ.

  التفرقة بين جريمة العصابات المسلحة و جريمة العصابات الاجرامية:
 جريمة العصابات الاجرامية حسب المادة 293 من القانون الجنائي تنصر علي انه: كل عصابة او اتفاق مهما تكن مدته او عدد المساهمين فيه انشئ او وجد للقيام باعداد ارتكاب جنايات ضد الاشخاص او الاموال يكون جناية العصابات الاجرامية بمجرد ثبوت التصميم على العدوان باتفاق مشترك.
 و بالمقارنة بين الجريمتين يتبين ان هناك نقاط تكمن في اتخاذهما في التسمية في العصابة المسلحة و كذلك يتطلب تحقيق الجريمتين شخصين او اكثر بالاضافة الى انهما ليستا من جرائم النتيجة بل يكفي التصميم في ايطار قيادي منظم على اتيان احد الافعال المنصوص عليها في المادة 203 و 293 من ق.ج
 وتختلف الجريمتين في ان الاولى يشترط فيها التسلح و لم يشترط ذات الشرط بالنسبة للجريمة الثانية ولكن وجود السلاح لدى بعض افرادها لا يؤدي الى تغيير تكييفها من جريمة عصابة اجرامية على جريمة العصابة المسلحة مادام ان الجناة اتفقوا على الاهداف الواردة في المادة 293 جنائي.
 كما تختلفان ايضا في الاهداف المراد تحقيقها ففي جريمة العصابات المسلحة يكون الغرض منها سياسيا بينما في العصابات الاجرامية يكون الهدف مجرد اطماع شخصية.

التفرقة بين جريمتي العصابات المسلحة و جريمة العصيان:
 يقصد بجريمة العصيان طبقا لما جاء في نص المادة 300 من القانون الجنائي كل هجوم او مقاومة بواسطة العنف او الايذاء ضد موظفي او ممثلي السلطة العامة القائمين بتنفيذ الاوامر او تنفيذ القوانين او النظام او احكام القضاء او قراراته او الاوامر القضائية يعتبر عصيانا.
و التهديد بالعنف يعتبر مماثلا للعنف نفسه.
و تنص المادة 301 على انه اذا وقعت جريمة العصيان من شخص او شخصين فعقوبتهما الحبس من شهر الى سنة و الغرامة من 60 الى 100 درهم.
و اذا كان مرتكب الجريمة او احد مرتكبها مسلحا فان الحبس يكون من 3 اشهر الى سنتين و الغرامة من 100 الى 500 درهم.
اما المادة 306 فانها تنص على انه لا يحكم بعقوبة العصيان على من ساهموا في التجمع دون ان يقوموا فيه بعمل او وظيفة اذا انسحبوا منه عند اول انذار تصدره السلطة العامة.
من خلال هذه النصوص يتضح وجود نقاط اختلاف بين الجريمتين حيث يمكن ان ترتكب جريمة العصيان بواسطة شخص واحد بينما لا يمكن ذلك في العصابات المسلحة الا اذا تعدد الجناة. و اذا تعدد الجناة او كان احد مرتكبي جريمة العصيان مسلحا فان هذا يعتبر ظرفا مشددا للعقوبة دون ان يغير من تكييفها حيث تبقى محتفظة بذات التسمية و الطبيعة.
كذلك يختلفان من حيث الهدف المتوخى منهما فان كان هدف جريمة العصابات المسلحة هو تغيير النظام عن طريق القوة فانه يشكل في جريمة العصيان مجرد جنحة يقتصر على منع ممثلي السلطة من تنفيذ القوانين او الاحكام القضائية. اما اذا تجاوز هذا المدى بان امتد السلاح في هذا العنف و نتج عنه قتل او نهب او تخريب بهدف الاستيلاء على الاموال العامة تخرج عندئذ هذه الافعال من دائرة جريمة العصيان لتطبق عليها مقتضيات المادة 201 و 203 حسب الوقائع المنسوبة للمتهم و كذلك حسب الظروف و الملابسات المحيطة بالقضية حيث يكون القاضي خاضعا في تكييفه للوقائع لرقابة المجلس الاعلى.
جميع الحقوق محفوظة ل الناجمويب: دروس و محاضرات قانونية