إن للمسكن حرمته التي لا يجوز أن تنتهك، حيث
نص الفصل 10 من الدستور على أن " المنزل لا تنتهك حرمته و لا تحقيق إلا طبقا
الشروط و الإجراءات المنصوص عليها في القانون" و هذه الحرمة هي جزء من الحرية
الشخصية التي يملكها الفرد إزاء المجتمع و لكن المسكن قد يأوي بين جدرانه معالم
الجريمة و أدلة إثباتها، فكان لابد من تمكين القائمين بالبحث أو بالتحقيق من
الوصول إلى تسجيل تلك المعالم و الإطلاع على هذه الأدلة و ضبطها.
و حفاظا على حرمة المسكن، يرى جانب من الفقه ضرورة تفسير المسكن تفسيرا واسعا مما هو وارد بالمادة 511 من القانون الجبائي، حيث يندرج فيه مكاتب المحامين و الموثقين، و عيادات الأطباء، و غرف الفنادق المكراة للزبائن , أو مسكن البواب المخصص له بصفة دائمة أو مؤقتة (3) على أنه لا يعد مسكنا الأماكن العامة أو المعدة لاستقبال العموم , كالحدائق والمنتزهات , والشوارع والمقاهي , ودور السينما والملاعب الرياضية.
وقد عالج المشرع أحكام تفتيش المنازل لضمن المواد 59 -63 ق.م.ج وتتلخص هذه الأحكام في الأموال الآتية .
أولا: يجب أن يتولى التفتيش ضابط الشرطة القضائية.
وهكذا فالتفتيش الذي يعتد به , هو داك الذي يتولاه ضابط الشرطة القضائية , ويجوز ان يكون هذا
الأخير مرفقا أثناء عملية التفتيش ببعض مساعديه أو أعوانه
كما يشرط حضور ضابط الشرطة القضائية المدني , إذ كان ضابط الشرطة القضائية العسكري يباشر مهامه وفقا للفصل 42 من ق العسكري.
ثانيا: اتخاذ التدابير الكفيلة بالمحافظة على السر المهني .
ألزم المشرع في المادة 59 ق.م. ج. ضابط الشرطة القضائية باتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان احترام السر المهني , كلما تعلق بتفتيش أماكن يشغلها شخص يلزمه القانون بكتمان السر المهني , وهدا الشرط كما يرى الأستاذ حسن بيهي , هو من مستلزمات البحث التمهيدي التي تتسم بطابع السرية وفقا لأحكام المادة 15 ق.م.ج, والذي جعل السرية قاعدة عامة تشمل البحث التمهيدي في الحالة العادية وفي حالة التلبس , ونلاحظ أنه إذا كانت المادة 59 ق.م.ج السالفة الذكر نصت على وجو ب احترام السر المهني فإنها لم تحدد نوع التدابير التي يتعين على ضابط الشرطة القضائية اتخاذها, فيبقى الأمر في نظرها موكول إلى ضميره ليقدر مع ملابسات كل قضية الإجراءات الكفيلة بضمان المحافظة على السر المهني , ويجب ملاحقته تأديبيا في حالة الإخلال بتلك الإجراءات.
ويبقى في نظر الأستاذ الخمليشي أن اتخاذ التدابير الكفيلة بالمحافظة على السر المهني يتحقق بأمرين.
- أن يحتاط هو شخصيا في عمليات التفتيش فلا يطلع إلا على الأشياء أو الوثائق التي يحتمل أن تكون لها علاقة بالجريمة موضوع البحث,
- ان يعمل بقدر الإمكان على أن لا يطلع غيره على محتويات المحل ولو كان من مساعديه أعوان الشرطة القضائية.
وقد جاء في التعديل الذي أقره قانون مكافحة الإرهاب والمتعلق بالمادة 59 ما يلي:
"وفيما عدا حالات المس بأمن الدولة أو إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية فلا يحق إلا لضابط الشرطة القضائية ومعه الأشخاص المشار إليهم في المادة 60 وحدهم الإطلاع على الأدوات أو المستندات قبل القيام بحجزها".
ويستفاد من النص المعدل , بأنه في حالة جرائم المس بأمن الدولة أو الجريمة الإرهابية , يجوز أن يطلع على الوثائق والمستندات أشخاص من غير ضابط الشرطة القضائية , أو بعبارة أخرى , يفهم من النص أن السرية ترتفع في هذه الحالة من هم الأشخاص أو الجهات , التي لا يجوز لها الإطلاع على الوثائق والمستندات في هده الحالة؟
ثالثا : احترام أوقات التفتيش
هناك أوقات قانونية, تستدعي الحماية, نظرا لكونها تشكل أوقات يهجع فيها الناس للنوم, ويخلدون للراحة , لذلك حرص المشرع على أن يضفي الحماية على هذه الأوقات, وفي هذا السياق نصت المادة 62- المقابلة 64 ق.م.ج القديم على ما يلي " لا يمكن الشروع في تفتيش المنازل أو معاينتها قبل الساعة السادسة صباح أو بعد التاسعة ليلا "ومن خلال هذا المقتضى يستفاد أن الليل بمفهومه القانوني, هو الزمن يتراوح بين التاسعة ليلا والسادسة صباحا فخلال هذه الفترة, لا يجوز مبدئيا إجراء التفتيش.
إلا أن هذه الاستعادة ليست مطلقة, وإنما ترد عليها الاستثناءات التالية :
الإستثناء الأول : صدور طلب عن صاحب المنزل يقضي بإجراء التفتيش خارج الوقت القانوني :
- بحيث يشترط في هذا الطلب أن يصدر من صاحب المنزل وبصفة تلقائية أما إذا كان ضابط الشرطة هو الذي طلب الموافقة و اقتصره دور صاحب المنزل على الاستجابة لطلب الضابط , فإن التفتيش لا يكون قانونا ولو رضي به صاحب المنزل عند وقوعه , لأن موافقته قد تكون ناتجة عن إخراجه من طرف ضابط الشرطة الذي حضر إلى المنزل بمعية أعوانه.
الإستثناء الثاني : سماع نداءات أو استغاثة من داخل المنزل.
فقد تأتي هذه الاستغاثة نتيجة خطر محدق , والحكمة من هذا الإستثناء هي إنقاذ ومساعدة الأشخاص المعرضين للخطر , وهو واجب على كل مواطن, تحت طائلة العفوية أما الإستثناء التالي فيتعلق :
الإستثناء الثالث : وجود نص خاص يرخص بالتفتيش خارج الوقت القانوني
فقد يرد نص قانوني يجيز صراحة التفتيش خارج وقته القانوني, ولو في الوقت الممنوع قانونا, وفي ه الحالة يعمل بالنص على وجه الإسناد " الإسناد لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره".
ومن الأمثلة على ذلك, ما قضى به الفصل 4 من ظهير 21/5/1974 بشأن زجر الإدمان على المخدرات .ومن الأمثلة أيضا الفصل 4 من قانون العدل العسكري الصادر في 26/7/1971.
الإستثناء الرابع :في حالة إجراء التفتيش في محل يمارس فيها عمل أو نشاط ليلا بصفة معتادة.
ويتعلق الأمر هنا بالمصانع والملاهي والمقاهي التي تشتغل ليلا فهذه الأماكن باعتبار أنها ليست أماكن للراحة والنوم وبالتالي لا تتوفر فيها شروط المسكن , فيجوز إجراء التفتيش فيها في أي وقت.
الإستثناء الخامس :في حالة بدأ التفتيش في ساعة قانونية واستمراره دون توقف إلى دخول الوقت الممنوع .
-فقد يبدأ التفتيش في
وقته القانوني , أي قبل الساعة التاسعة ليلا أو بعد السادسة صباحا , ولكنه يستمر
إلى أن يدخل الوقت المحضور فالحالة هاته يجوز لضابط الشرطة القضائية او المكلف
بالتفتيش بالاستمرار في التفتيش , شرط أن يكون هذا الأخير قد بدأ التفتيش و
استمرار بدون انقطاع و ذلك رغبة في إنهاء التفتيش و عدم تعطيله.
الإستثناء السادس : المتعلق بجريمة إرهابية.
أدخل هذا الإسناد بمقتضى القانون 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب ويشترط لتوفر هذه الإستثناء :أن تكون هناك ضرورة ملحة تقضي التفتيش و ذلك خشية من انتشار الأدلة كما يشترط كذلك الحصول على إذن مكتوب من النيابة العامة يسمح بإجراء التفتيش داخل الوقت المحظور قانونا.
رابعا :حضور صاحب المنزل أو من ينوب عنه أو رضاه المكتوب بخط يده
انطلاقا من نص المادة 60 ق.م.ج التي تنص على ضرورة حضور بعض الأشخاص التفتيش لكن يلتزم التمييز بين حالتين.
- إذا كان التفتيش يجري في منزل المشتبه فيه:
ففي هذا الحالة يجب حضور هذا الشخص أو من ينوب عنه وفي حالة عدم الاستجابة هذا الأخير لطلب ضابط الشرطة القضائية بحضور التفتيش في أوقات عين هذا الأخير مباشرة شخصين لحضور عملية التفتيش ولكن يجب أن يكون هذان الشخصان أجنبيين عن الأفراد التابعين لسلطته. والحكمة من إجراء هذا الإجراء هو تدعيم الضمانات التي يقرها القانون حرمة المسكن والزيادة من فعالية البحث وسلامته وتدعيما لقرينة البراءة.
- إذا كان التفتيش يجري في منزل غير المشتبه فيه:
كالحالة السابقة في حالة رفض صاحب المنزل الغير المشتبه فإنه يتم اتخاذ الإجراءات السابقة الذكر , ويتم التفتيش في منزل الغير إذا كان من المحتمل أن يكون في حيازته مستندات أو أشيا ء لها علاقة بالجريمة ولكن يشترط أن لا يكون هذا الأخير مشاركا أومساهما في الجريمة وبزيادة ضمانات حصول صاحب المنزل التفتيش (الغير المشتبه فيه) أومن ينوب عليه , فقد أدخل المشرع بمقتضى قانون م.ج الجديد إجراء جديد وهذا من حسنات هذه المدونة , ويتعلق الأمر بضرورة حضور التفتيش امرأة ينتدبها ضابط الشرطة القضائية , لتفتيش النساء وذلك حفاظا على مبادئ الشريعة الإسلامية وقيمها وتقاليدها.
المجتمع المغربي في معاملة المرأة , ويشترط لدخول المنزل وتفتيشه, وحجز ما به من أدلة , وموافقة صريحة من صاحب المنزل واشترط القانون أن تكون هذه الموافقة مكتوبة بخط اليد, وذلك ضمانا لصدور الرضى منه عن طواعية واختيار . أما الموافقة الشفوية فقد يشوبها التأثير والإحراج الناتجان عن وجود رجال الشرطة والدرك وقت طلب الموافقة على التفتيش فإذا كان صاحب المنزل لا يعرف الكتابة فيشار إلى ذلك في محضر التفتيش , كما يشار على الموافقة والقبول وقد أدخل المشرع تعديلات على المادة 79 بمقتضى قانون 03-03 حيث جاء في الفقرة الأخيرة من هذه المادة " إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية وامتنع الذي سيجري التفتيش أو الحجز بمنزله عن إعطاء موافقته أو تعذر الحصول عليها , فإنه يمكن إجراء العمليات المذكورة في الفقرة الأولى من هذه المادة بإذن كتابي من النيابة العامة بحضور الشخص المعني بالأمر , وفي حالة امتناعه أو تعذر حضوره فبحضور شخصين غير مرؤوسي ضابط الشرطة القضائية."
حيث أن المشرع رخص بالتفتيش في حالة التلبس المتعلق بجريمة إرهابية بإذن كتابي من النيابة العامة في حالة امتناع صاحب المنزل من إعطاء الموافقة.
خامسا: تحديد محضر بالتفتيش
يتعين على ضابط الشرطة القضائية تحديد محضر بثبات التفتيش الذي قام به داخل منزل الضنين أو منزل غيره , يضمن في هذا المحضر بين القيام بالتفتيش ووقته ومكانه وحضور صاحب المنزل أو من ينوب عنه إن كانت الجريمة في حالة التلبس , كما يشير ضابط الشرطة إلى النتائج التي أسفر عليها التفتيش وكذا المستندات والوثائق والأشياء المحجوزة ويتعين وصفها وصفا دقيقا ويختم عليها بطابعه, ويصفها في غلاف أو وعاء أو كيس مختوم.كل هذه الإبداءات تتم بحضور الأشخاص الذين حضروا التفتيش , ويوقعون مع الضابط على المحضر (المواد 61و62ق ح ج) وهي قانون م ج القديم.
- جزاء الإخلال بالشروط و الشكايات المتعلقة بالتفتيش:
نظرا لأهمية و خطورة تفتيش المنازل، تعرض القانون صراحة لجزاء الإخلال بالمقتضيات المطلوب مراعاتها عند القيام بالتفتيش حيث نصت المادة 63 ق.م.ج " يعمل بالإجراءات المقررة في المواد 59-60-62 أعلاه تحت طائلة البطلان بالإجراء المعين و ما قد يترتب عنه من إجراءات" و هذه المادة مقابلة للمادة 65 ق.م.ج القديم تنص على أنه " يعمل لزوما بالموجبات المبينة في المواد 61 و 62 و 64 أعلاه و إلا فيترتب عن عدمها البطلان".
و تطبيقا لهذه المواد يكون التفتيش و المحضر بشأنه باطلين إذا لم يحضرا لتفتيش الأشخاص الواجب حضورهم او في حالة لم يحافظ ضابط الشرطة على السرية المطلوبة أو أجري التفتيش خارج الوقت القانوني. و إذا بطل التفتيش و المحضر بطلت أدلة الإثبات التي عثر عليها أثناء التفتيش الباطل فيستبعد كل ذلك من ملف البحث التمهيدي " و ترسيخا لهذا الاتجاه فقد صدر عن استئنافية الرباط قرار جنحي بتاريخ 15/1/1992 ملف عدد 551-542/89" الذي ينص على انه في حالة " افتقاد المحاضر للشكليات الأساسية... فإن هذا الاستئناف ينهار و تنعدم صلاحيته و تصبح غير قابلة للاطمئنان إليها و استخلاص القناعة على ضوئها...إن القضاء بوصفه ضامنا للحقوق و الحريات يثير و لومن تلقاء نفسه عدم صحة و سلامة الإجراءات لسيما عن الحرمان من الحرية .
أما فيما يتعلق برضا صاحب المنزل المكتوب هل يترتب عليه البطلان عند الإخلال به أم لا؟.
ذهب الأستاذ الخمليشي إلا أنه بالرغم من عدم النص عليه بهذه الحالة مع ذلك يبدو البطلان نتيجة حتمية للتفتيش الذي لم يسبقه الإذن المكتوب بخط يد صاحب المنزل، و ذلك انه شرط الرضى المكتوب في الحالة العادية يقابل شرط حضور صاحب المنزل أو من ينوب عنه أو شاهدين في حالة التدليس.
بالإضافة إلى ذلك فإن الدستور قرر صراحة أن تفتيش المنازل لا يمكن إجراءه إلا طبق الإجراءات القانونية، فإذن كل تفتيش لم نحترم فيه الإجراءات و الشروط المنصوص عليها في القانون، يعتبر مخالفا لنص الدستور و التفتيش المخالف للدستور لا مجال للمجادلة في بطلانه، و يثير إشكالية تتعلق في حالة دخول تفتيش المنزل الذي تنفد فيه الجريمة فما الحكم إذا علم ضابط الشرطة القضائية أن خيانة أو جنحة تنفذ داخل منزل؟
هل يحق له الدخول و التفتيش لضبط ومعاينة وقائع الجريمة ذاتها؟ فإذا كان الأمر لا جدال في مشروعيته كل من الدخول و التفتيش داخل الوقت القانوني و خارجه متى تم ذلك بناء على طلب رب المنزل أو لإغاثة ضحية الجريمة المعتدى عليه، و لو كان مرتكب الجريمة هو رب المنزل نفسه، و إنما الذي يبدوا محل مناقشة هو الدخول أو التفتيش لضبط وقائع الجريمة في غيبة رب المنزل أو معارضته من الدخول إلا لضبط الجريمة و معاينة وقائعها.
فإذا كان المشرع يسمح في حالة التلبس، بدخول و تفتيش المنزل دون حاجة إلى موافقة صاحبه بحثا عن أدلة الجريمة، فيكون أولى بالقبول الدخول لضبط وقائع الجريمة ذاتها، بالإضافة إلى ما يتطلب من ضرورة التدخل لوضع حد لتنفيذ الجريمة أو محاولتها، وضابط الشرطة القضائية هو في ذات الوقت يقوم بمهام الشرطة الإدارية، فإن لم تسمح له الصفة الأولى بالدخول فإن الثانية تفرض عليه منع الجاني من الاسترسال في تنفيذ الجريمة.
الإستثناء السادس : المتعلق بجريمة إرهابية.
أدخل هذا الإسناد بمقتضى القانون 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب ويشترط لتوفر هذه الإستثناء :أن تكون هناك ضرورة ملحة تقضي التفتيش و ذلك خشية من انتشار الأدلة كما يشترط كذلك الحصول على إذن مكتوب من النيابة العامة يسمح بإجراء التفتيش داخل الوقت المحظور قانونا.
رابعا :حضور صاحب المنزل أو من ينوب عنه أو رضاه المكتوب بخط يده
انطلاقا من نص المادة 60 ق.م.ج التي تنص على ضرورة حضور بعض الأشخاص التفتيش لكن يلتزم التمييز بين حالتين.
- إذا كان التفتيش يجري في منزل المشتبه فيه:
ففي هذا الحالة يجب حضور هذا الشخص أو من ينوب عنه وفي حالة عدم الاستجابة هذا الأخير لطلب ضابط الشرطة القضائية بحضور التفتيش في أوقات عين هذا الأخير مباشرة شخصين لحضور عملية التفتيش ولكن يجب أن يكون هذان الشخصان أجنبيين عن الأفراد التابعين لسلطته. والحكمة من إجراء هذا الإجراء هو تدعيم الضمانات التي يقرها القانون حرمة المسكن والزيادة من فعالية البحث وسلامته وتدعيما لقرينة البراءة.
- إذا كان التفتيش يجري في منزل غير المشتبه فيه:
كالحالة السابقة في حالة رفض صاحب المنزل الغير المشتبه فإنه يتم اتخاذ الإجراءات السابقة الذكر , ويتم التفتيش في منزل الغير إذا كان من المحتمل أن يكون في حيازته مستندات أو أشيا ء لها علاقة بالجريمة ولكن يشترط أن لا يكون هذا الأخير مشاركا أومساهما في الجريمة وبزيادة ضمانات حصول صاحب المنزل التفتيش (الغير المشتبه فيه) أومن ينوب عليه , فقد أدخل المشرع بمقتضى قانون م.ج الجديد إجراء جديد وهذا من حسنات هذه المدونة , ويتعلق الأمر بضرورة حضور التفتيش امرأة ينتدبها ضابط الشرطة القضائية , لتفتيش النساء وذلك حفاظا على مبادئ الشريعة الإسلامية وقيمها وتقاليدها.
المجتمع المغربي في معاملة المرأة , ويشترط لدخول المنزل وتفتيشه, وحجز ما به من أدلة , وموافقة صريحة من صاحب المنزل واشترط القانون أن تكون هذه الموافقة مكتوبة بخط اليد, وذلك ضمانا لصدور الرضى منه عن طواعية واختيار . أما الموافقة الشفوية فقد يشوبها التأثير والإحراج الناتجان عن وجود رجال الشرطة والدرك وقت طلب الموافقة على التفتيش فإذا كان صاحب المنزل لا يعرف الكتابة فيشار إلى ذلك في محضر التفتيش , كما يشار على الموافقة والقبول وقد أدخل المشرع تعديلات على المادة 79 بمقتضى قانون 03-03 حيث جاء في الفقرة الأخيرة من هذه المادة " إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية وامتنع الذي سيجري التفتيش أو الحجز بمنزله عن إعطاء موافقته أو تعذر الحصول عليها , فإنه يمكن إجراء العمليات المذكورة في الفقرة الأولى من هذه المادة بإذن كتابي من النيابة العامة بحضور الشخص المعني بالأمر , وفي حالة امتناعه أو تعذر حضوره فبحضور شخصين غير مرؤوسي ضابط الشرطة القضائية."
حيث أن المشرع رخص بالتفتيش في حالة التلبس المتعلق بجريمة إرهابية بإذن كتابي من النيابة العامة في حالة امتناع صاحب المنزل من إعطاء الموافقة.
خامسا: تحديد محضر بالتفتيش
يتعين على ضابط الشرطة القضائية تحديد محضر بثبات التفتيش الذي قام به داخل منزل الضنين أو منزل غيره , يضمن في هذا المحضر بين القيام بالتفتيش ووقته ومكانه وحضور صاحب المنزل أو من ينوب عنه إن كانت الجريمة في حالة التلبس , كما يشير ضابط الشرطة إلى النتائج التي أسفر عليها التفتيش وكذا المستندات والوثائق والأشياء المحجوزة ويتعين وصفها وصفا دقيقا ويختم عليها بطابعه, ويصفها في غلاف أو وعاء أو كيس مختوم.كل هذه الإبداءات تتم بحضور الأشخاص الذين حضروا التفتيش , ويوقعون مع الضابط على المحضر (المواد 61و62ق ح ج) وهي قانون م ج القديم.
- جزاء الإخلال بالشروط و الشكايات المتعلقة بالتفتيش:
نظرا لأهمية و خطورة تفتيش المنازل، تعرض القانون صراحة لجزاء الإخلال بالمقتضيات المطلوب مراعاتها عند القيام بالتفتيش حيث نصت المادة 63 ق.م.ج " يعمل بالإجراءات المقررة في المواد 59-60-62 أعلاه تحت طائلة البطلان بالإجراء المعين و ما قد يترتب عنه من إجراءات" و هذه المادة مقابلة للمادة 65 ق.م.ج القديم تنص على أنه " يعمل لزوما بالموجبات المبينة في المواد 61 و 62 و 64 أعلاه و إلا فيترتب عن عدمها البطلان".
و تطبيقا لهذه المواد يكون التفتيش و المحضر بشأنه باطلين إذا لم يحضرا لتفتيش الأشخاص الواجب حضورهم او في حالة لم يحافظ ضابط الشرطة على السرية المطلوبة أو أجري التفتيش خارج الوقت القانوني. و إذا بطل التفتيش و المحضر بطلت أدلة الإثبات التي عثر عليها أثناء التفتيش الباطل فيستبعد كل ذلك من ملف البحث التمهيدي " و ترسيخا لهذا الاتجاه فقد صدر عن استئنافية الرباط قرار جنحي بتاريخ 15/1/1992 ملف عدد 551-542/89" الذي ينص على انه في حالة " افتقاد المحاضر للشكليات الأساسية... فإن هذا الاستئناف ينهار و تنعدم صلاحيته و تصبح غير قابلة للاطمئنان إليها و استخلاص القناعة على ضوئها...إن القضاء بوصفه ضامنا للحقوق و الحريات يثير و لومن تلقاء نفسه عدم صحة و سلامة الإجراءات لسيما عن الحرمان من الحرية .
أما فيما يتعلق برضا صاحب المنزل المكتوب هل يترتب عليه البطلان عند الإخلال به أم لا؟.
ذهب الأستاذ الخمليشي إلا أنه بالرغم من عدم النص عليه بهذه الحالة مع ذلك يبدو البطلان نتيجة حتمية للتفتيش الذي لم يسبقه الإذن المكتوب بخط يد صاحب المنزل، و ذلك انه شرط الرضى المكتوب في الحالة العادية يقابل شرط حضور صاحب المنزل أو من ينوب عنه أو شاهدين في حالة التدليس.
بالإضافة إلى ذلك فإن الدستور قرر صراحة أن تفتيش المنازل لا يمكن إجراءه إلا طبق الإجراءات القانونية، فإذن كل تفتيش لم نحترم فيه الإجراءات و الشروط المنصوص عليها في القانون، يعتبر مخالفا لنص الدستور و التفتيش المخالف للدستور لا مجال للمجادلة في بطلانه، و يثير إشكالية تتعلق في حالة دخول تفتيش المنزل الذي تنفد فيه الجريمة فما الحكم إذا علم ضابط الشرطة القضائية أن خيانة أو جنحة تنفذ داخل منزل؟
هل يحق له الدخول و التفتيش لضبط ومعاينة وقائع الجريمة ذاتها؟ فإذا كان الأمر لا جدال في مشروعيته كل من الدخول و التفتيش داخل الوقت القانوني و خارجه متى تم ذلك بناء على طلب رب المنزل أو لإغاثة ضحية الجريمة المعتدى عليه، و لو كان مرتكب الجريمة هو رب المنزل نفسه، و إنما الذي يبدوا محل مناقشة هو الدخول أو التفتيش لضبط وقائع الجريمة في غيبة رب المنزل أو معارضته من الدخول إلا لضبط الجريمة و معاينة وقائعها.
فإذا كان المشرع يسمح في حالة التلبس، بدخول و تفتيش المنزل دون حاجة إلى موافقة صاحبه بحثا عن أدلة الجريمة، فيكون أولى بالقبول الدخول لضبط وقائع الجريمة ذاتها، بالإضافة إلى ما يتطلب من ضرورة التدخل لوضع حد لتنفيذ الجريمة أو محاولتها، وضابط الشرطة القضائية هو في ذات الوقت يقوم بمهام الشرطة الإدارية، فإن لم تسمح له الصفة الأولى بالدخول فإن الثانية تفرض عليه منع الجاني من الاسترسال في تنفيذ الجريمة.
منقول ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق