الخميس، 20 أبريل 2017

قانون المسطرة الجنائية: الوضع تحت الحراسة

تناول المشرع في لمواد 66 و ما يليها من ق/م/ج أهم و أخطر الصلاحيات و السلطات المخولة لضابطة الشرطة القضائية، أثناء البحث في جريمة متلبس بها، و يتعلق الأمر بسلطة الوضع تحت الحراسة النظرية.
الوضع تحت الحراسة في القانون المغربي

و نظرا لمساسها بحرية الفرد و حقوقه الشخصية فقد أحاطها المشرع بمجموعة من الشروط و أحكام صارمة.
إذا كان المشرع لم يعرف الوضع تحت الحراسة و المقصود به، أنه إجراء يحق بمقتضاه لضابط الشرطة القضائية، أن يحتفظ بشخص أو بعدة أشخاص، و يضعه في مكان معين ( مركز أو مخفر الشرطة ) و ذلك لضرورة تتطلبها البحث خلال مدة معينة و هذه السلطة يملكها الضابط الشرطة القضائية إذا كان البحث في جريمة في حالة تلبس إن القبض على الشخص، لمنعه من الفرار و أخذ تصريحاته و التثبت من صلته بالجرم. و نظرا لكون هذا الإجراء يعد قيدا على حرية الأفراد، فقد نظمه المشرع، و بين شرطه و مدته، و أحاطه بحملة من المقتضيات التي تعد في ذاتها، ضمانات في مواجهة الشطط أو التعسف المحتمل في مجال التقييد حرية.


1- الأشخاص الذين من الممكن وضعهم تحت الحراسة.

يجوز لضابط الشرطة القضائية بوجه عام، أن يحتفظ خلال إجراءات البحث بأي شخص مشتبه فيه، أو كل من اجتمعت ضده قرائن لإدانته.
و تشير المادة 65 من ق/م/ج إلى صنفين من الأشخاص الممكن وضعهم تحت الحراسة فهناك من جهة الأشخاص الذي يمنعهم ضابط الش/ق من الابتعاد عن مكان وقوع الجريمة، و هناك الأشخاص الذين من اللازم التعرف على هويتهم أو التحقق منها.
و من جهة أخرى و من الناحية العملية غالبا ما يعتبر ضباط الشرطة القضائية هذا الإجراء ضروري، يسهل الاستماع إلى الأشخاص لاسيما إذا كان هذا الاستماع يحتاج إلى وقت و ساعات طويلة على اعتبار أن الوضع تحت الحراسة قد يلحق أحيانا الأذى بالأبرياء و يسيء إلى سمعتهم و كرامتهم فيصبحون مذنبين من طرف المجتمع قبل أن تقول العدالة فيهم. كما أنه قد يضر سير البحث و جعل الضابط الشرطة القضائية يسرع عقاريب الساعة التي لن تتوقف و التي قد تؤدي إلى إهمال بعض الأبحاث و التحريات المفيدة التي من الممكن أن تساعد على إظهار الحقيقة و لعل خطورة هذه الإجراءات دفعت العديد من التشريعات المقارنة إلى سن ترسانة من النصوص القانونية التنظيمية تنظيما محكما يوازن بين الحق في الوصول إلى الحقيقة و بين الحق الوصول أو عدم المساس بحقوق المواطن و لذلك أحيط النيابة العامة ضرورة مراقبة تطبيقها و السهر على ممارستها في ظروف إنسانية و عاقب كل متجاوز في مدتها.
و نظرا لكون الوضع تحت الحراسة، قد يفضي إلى الحصول على أدلة في ظروف تنعدم فيها الضمانات الدفاع المخول للمتهم، خلال استنطاقه من طرف القاضي التحقيق، فإن المشرع تدخل و أقر العديد من الشروط، التي من شأنها إضفاء المصداقية على هذا الإجراء و بذلك يرى أستاذنا الفاضل احمد الخمليشي بان الضمانات التي يقرها المشرع للمشتبه فيه خلال وضعه تحت الحراسة النظرية مقرونة بأخلاق و ضمير الضابط الشرطة القضائية.

2- شروط الوضع تحت الحراسة:
الشرط الأول: يجب أن يتعلق الأمر بجناية أو جنحة معاقبة بالحبس.
تجدر الإشارة إلى أنه إلى جانب ما اشترطته المادة 66 من ق/م/ج بشأن الاقتضاء حاجيات البحث وضع شخص تحت الحراسة النظرية، فإن القانون تطلب شرطا آخر بشأن نوع الجريمة موضوع البحث التي ينبغي أن تكون جناية أو على الأقل جنحة معاقب عليها بالحبس، نص المشرع على ذلك صراحة على هذا الشرط في المادة 70 من ق/م/ج بقوله: " تسري مقتضيات المادة 57 و ما بعدها إلى المادة 69 على قضايا التلبس بالجنح في جميع الأحوال التي ينص فيها القانون على عقدية الحبس".
و هذا ما أكده المشرع بالنسبة للجنايات و الجنح معا في المادة 80 من ق/م/ج.
و يستفاد من هذه النصوص، أن الوضع تحت الحراسة، لا يجوز في المخالفات أو الجنح المعاقبة بعقوبة الغرامة وحدها.


الشرط الثاني: يجب أن يكون الوضع تحت الحراسة مما تتطلبه حاجيات البحث.
و هذا ما عبرته صراحة المادة 66 من ق/م/ج الجديد و المادة 80 منه بقولها " إذا تطلبت ضرورة البحث أن يحتفظ ضابط الشرطة القضائية بشخص أو عدة أشخاص فغنه أن يضعهم تحت الحراسة النظرية...".
و لا يشترط القانون المغربي في الوضع تحت الحراسة النظرية وجود أدلة أو قرائن قوية على ارتكاب أو محاولة ارتكاب الجريمة موضوع البحث، كما هو الشأن بالنسبة لباقي التشريعات الأخرى المقارنة كالمادة 63 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي مثلا التي اشترطت لإمكانية الوضع تحت الحراسة النظرية أن تتوفر في حق الشخص إمارات من شانها أن تدفع إلى الاعتقاد بضلوعه في ارتكاب الجريمة.

الشرط الثالث: يجب احترام مدة الوضع تحت الحراسة.
تختلف مدة الحراسة تبعا لنوع الجريمة موضوع البحث.
حدد المشرع أمد الحراسة في مدة لا تتجاوز 48 ساعة، تحتسب ابتداء من ساعة توفيق المشتبه فيهم، و يجوز تمديدها لمدة 24 ساعة أخرى، يشترط حصول على إذن مكتوب من النيابة العامة.
و إذا تعلق الأمر بالمس بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي فإن المدة المقدرة لها هي 96 ساعة قابلة للتمديد مرة واحدة بإذن من النيابة العامة، و هنا نقول أن المشرع قد أحسن الفعل حينما تدخل في ق/م/ج الجديد النافذ فاتح أكتوبر 2003، حينما حصر التمديد في مرة واحدة. بالسبة للجرائم العادية، و جرائم المس بأمن الدولة، و مرتين في جرائم الإرهاب. و بذلك يضع حدا للخلاف بين الفقه و القضاء بشأن عدد المرات التي يمكن خلالها تمديد مدة الوضع تحت الحراسة. و هذا الخلاف نشأ نتيجة تأويل مفهوم الفصل 2 من ظهير 1962 و الذي جاء في صياغته توحي بإمكانية تمديد الفترة المنصوص عليها في القانون إلى أجل غير محدد و لقد نشأ عن هذا التأويل أن المجلس الأعلى ذهب في إحدى قراراته إلى اعتبار الوقع تحت حراسة جائزة، و تجوز تمديده و لو بلغت المدة " سنة".
إذا تعلق الأمر بجرائم الإرهاب، فإن مدة 96 ساعة يمكن تجديدها مرتين، 96 ساعة في كل مرة، و ذلك بإذن مكتوب من النيابة العامة، وفق المادة 66 من ق/م/ج المعدلة بالقانون الصادر بتنفيذه الظهير رقم 140 .03. 1 و بتاريخ 28 ماي 2003 المتعلق بمكافحة الإرهاب.
و تجدد مدة الحراسة كلما ظهرت ضرورة لذلك، وفق ما يقتضيه البحث.

الشرط الرابع: يجب احترام بعض الشكليات الخاصة بالوضع تحت الحراسة و توفير بعض الضمانات القانونية.
هناك جملة من الإجراءات الشكلية التي اقرها القانون، لتعزيز الضمانات المخولة للأفراد في مواجهة التعسف المحتمل الممثل في الاعتقال التحكمى.
و يمكن إجمالها هذه الإجراءات و الضمانات في الأمور التالية:
أ- يحق للشخص الموضوع تحت الحراسة في حالة تمديدها و أن يطلب من ضابط الشرطة القضائية الاتصال بمحام كما يحق لهذا الأخير بأن يطلب الترخيص له بذلك، و يتم هذا الاتصال خلال ابتداء من الساعات الأولى من فترة تمديد الحراسة، لمدة لا تتجاوز 30 دقيقة، تحت مراقبة ضابط الشرطة القضائية في ظروف تكفل سرية المقابلة، لكن يبقى التساؤل يثور حول الوقت الذي يحق فيه للمحامي الاتصال بموكله؟.
هل يمكن اتصال بذلك خارج وقت العمل الإداري؟ رغم سكوت النص، يبدو أن هذا الاتصال يمكن أن يتم في أي وقت ممكن ما دامت مدة الوضع تحت الحراسة، غير مرتبطة بالوقت الإداري، يشترط أن يبتدأ من الساعات الأولى من فترة تمديد الحراسة، كما تجدر الإشارة في نفس الصدد في حالة تعدد المحامين الذين نصبوا أنفسهم للدفاع عن المتهم.
هل يحق للجميع الحصول على إذن الاتصال بنسبة 30 دقيقة لكل واحد؟ و يبدو أن الأقرب للصواب، و هو أن المدة الزمنية المحددة في 30 دقيقة، تسري إذا انفرد أو تعدد. يتعين على ضابط الشرطة القضائية أن يضمن الزيارة بمحضر و يثبتها بسجل خاص يرجع إليه عند الحاجة .
غير أنه إذا تعذر عليه الحصول على ترخيص النيابة العامة، خاصة بسبب بعد المسافة، فإن ضابط الشرطة القضائية، يأذن بصفة استثنائية للمحامي بالاتصال بموكله الموضوع تحت الحراسة، على أن يرفع فورا تقريرا إلى النيابة العامة بذلك.
و نعتقد انه يمكن في هذه الحالات استعمال بعض الوسائل الاتصال المتوفرة بين الشرطة القضائية و النيابة العامة: كالفاكس أو الهاتف أو ما قد يتوفر على وسائل تكنولوجية أخرى.
غير أنه يمكن للنيابة العامة أن تأخر اتصال المحامي بموكله لمدة لا تتجاوز 48 ساعة بناء على طلب الضابط الشرطة القضائية، إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية أو بجرائم المس بأمن الدولة، أو العصابات الإجرامية، أو القتل، أو التسميم، أو الاختطاف و أخذ الرهائن، أو تزييف أو تزوير النقود أو سندات القرض العام، أو المخدرات و المؤثرات العقلية أو الأسلحة أو الذخيرة أو التفجيرات أو حماية الصحة.
الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من ق/م/ج.
و يجوز للمحامي المرخص بالاتصال بالشخص الموضوع تحت الحراسة، أن يقوم أثناء مدة تمديد هذه الحراسة، وثائق أو ملاحظات كتابية سواء ضابطة الشرطة أو النيابة العامة قصد إضافتها إلى المحضر مقابل إشهاد. غير أنه يمنع على المحامي إخبار أي شخص بما راج خلال الاتصال بموكله قبل انتهاء مدة الحراسة .
ب- من جملة الشكليات و الضمانات، التي يتعين مراعاتها خلال الوضع تحت الحراسة إلزام ضابط الشرطة القضائية، بمسك سجل توقع صفحاته و توقيع عليها السيد الوكيل الملك، هذا التوقيع حتى لا يشطب و يتسنى للنيابة العامة مراقبة الشرطة القضائية و هذه المراقبة تكون على شهر على الأقل و يتضمن هذا السجل معلومات متعلقة بالمشتبه فيه هويته، الموضوع الحراسة، و سبب ذلك، ساعة بداية الحراسة و ساعة نهايتها، مدة استجواب، أوقات الراحة و يتعين أن يوقع في هذا السجل، بمجرد انتهائها، و إذا كان غير قادر على التوقيع أو الإبصار أو رفض القيام بذلك، فيشار إلى ذلك في السجل.
ج- تراقب النيابة العامة، ظروف الوضع تحت الحراسة، و لها أن تأمر في أي وقت بوضع حد لها أو بمثول الشخص أمامها و هذا ما قررته المادة 45 من ق/م/ج بقولها:" يتعين على وكيل العام للملك زيارة أماكن الوضع تحت الحراسة على الأقل مرة كل أسبوع، و له زيارتها في أي وقت شاء و عليه أيضا مراقبة سجلات الوضع تحت الحراسة، و السهر على احترام إجراءاتهما و مباشرتها في الأماكن المعدة لها".
إلا أن اتساع المساحة الترابية، لبعض الدوائر القضائية، و تعدد مراكز الشرطة القضائية بها و بعدها عن المحاكم، وحالة الأطر القضائية، يطرح صعوبات تتعلق بالتنقل من جهة، و بتوفير الأطر القضائية التي تغطي هذا الإجراء المستحدث.
د- يجب على كل ضابط الشرطة القضائية، أن يبين في محضر سماع أي شخص وضع تحت الحراسة النظرية، يوم و ساعة إطلاق سراحه أو تقديمه إلى القاضي المختص، ثم توقيع المشبوه فيه على هذا التضمين أو الإشارة إلى امتناعه عن الإمضاء مع توجيه المحضر إلى السلطة القضائية و بيان أسباب الرفض و استحالة، حيث جاء في اجتهاد المجلس الأعلى، على أن عدم توقيع من طرف المشتبه فيه، لا يؤثر على صحته و حجيته.
ه- ألزم المشرع الشرطة القضائية بإشعار عائلة المشتبه فيه، فور اتخاذ قرار بوضعه و ليس وليد 2003 و لكن منذ 1995، حيث أن مجلس استشاري لحقوق الإنسان، وجهت انتقادات الموجهة للمغرب حيث كان في القديم يلقى في محضر الشرطة، و لا يعرف مصيره و تبدأ عائلته بالبحث عنه و يشير ذلك في محضر بأية وسيلة من الوسائل.
و- يتعين على الشرطة القضائية، توجيه لائحة بالأشخاص الذين تم وضعهم تحت الحراسة خلال 24 ساعة السابقة يوميا إلى النيابة العامة و الإخلال بهذا الإجراء يعرض الضابطة الشرطة القضائية للمسؤولية التأديبية ( إحالة تقرير بجميع الأشخاص المحتجزين) فور الانتهاء منها.
ز- يتعين على ضابط الشرطة القضائية إمساك دفتر التصريحات بالنسبة للهيئات أو المصالح التي يلزم فيها ذلك، و يتضمن هذا الدفتر البيانات و الإمضاءات.
و عليه يمكن القول بأن القانون المسطرة الجنائية و إن أبقى على المدة الحراسة النظرية كما تم تعديلها سنة 1991 فإنه سمح المحامي بالاتصال بموكله ابتداء من الساعات الأولى لتمديد الحراسة سواء تعلق الأمر بجريمة عادية أو بجريمة تمس بأمن الدولة أو بجريمة إرهابية، كما وسع من دور المحامي عند الاستنطاق الذي تقوم النيابة العامة.

3- جزاء الإخلال بأحكام الوضع تحت الحراسة
لم يرتب المشرع البطلان على الإخلال بشروط الحراسة، كما فعل بالنسبة لخرق شكليات التفتيش.
و نظرا لأن قانون المسطرة الجنائية الجديد تبنى بخصوص هذه النقطة موقف قانون المسطرة الجنائية الملغى، فإن الخلاف سيظل قائما بين الفقه و القضاء، ففي الوقت الذي يرى فيه الدكتور أحمد الخمليشي " بأن تجاوز فترة الوضع تحت الحراسة يؤدي إلى بطلان محضر البحث التمهيدي سواء كان التجاوز من الضابط أو بناء على تمديد غير قانوني فإن أحكام القضاء المغربي تذهب إلى خلاف ذلك.
و لقد ذهب قرار للمجلس الأعلى: "من جهة أخرى فإن القواعد المتعلقة بالوضع تحت الحراسة النظرية لم يجعلها القانون تحت طائلة البطلان، و عليه فلا يمكن أن يترتب عنها البطلان إلا إذا ثبت أن عدم مراعاتها جعل البحث عن الحقيقة و إثباتها منسوبين بعيوب في الجوهر".
و كما جاء في قرار للمجلس الأعلى " لئن كان قانون المسطرة الجنائية ( الملغى ) قد حدد في فصلين 68 و 69 منه مدة الوضع تحت الحراسة النظرية و عبر عن ذلك بصيغة الوجوب، فإنه لم يرتب جزاء البطلان عن عدم احترام ذلك، كما فعل بالنسبة للمقتضيات المنصوص عليها في الفصول 61 و 62 و64 و 65 منه و إذا تعذر تقديم الشخص في الوقت المحدد لأسباب تتعلق بالبحث كما هو الحال بالنسبة للنازلة التي تطلبت القيام بعديد من المعاينات و ليس في هذا ما يمكن اعتباره خرقا لحقوق الدفاع أو مسا بحرية الأشخاص .
و الملاحظ أن اجتهاد المحكمة الدائمة للقوات المساحة الملكية، و محكمة العدل الخاصة ( ملغاة ) و بعض الغرف الجنائية لدى محاكم الاستئناف، تسير نحو الاستقرار، من حيث اعتبار المحضر الذي لم يحترم مقتضيات الوضع تحت الحراسة باطلا، مع إبطال ما يترتب عليه اعتقال أو إجراءات و على سبيل المثال نذكر الحكم الصادر عن غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 10/6/1980 و الذي جاء فيه بأن المحضر المحرر من طرف الضابطة القضائية، مع عدم احترام مدة الوضع تحت الحراسة، لم يثبت إنجازه عملا بمقتضيات الفصل 765 من قانون المسطرة الجنائية و بالتالي كنتيجة لذلك، يجب التصريح برفع حالة الاعتقال عنهم و إطلاق سراحهم و تركهم أحرارا و محاكمتهم في حالة السراح.
و على الرغم من ذلك فإن المجلس الأعلى ظل مترددا بشأن الجزاء المقرر للإخلال بأحكام الوضع تحت الحراسة. و هكذا أصدر قرارا يقضي بأن الوضع تحت الحراسة لا يترتب عنه البطلان و لو بلغت المدة " سنة " إن موقف المتدبدب للمجلس الأعلى كان سيظل محل انتقاد فقهي حيث أجمعت مختلف الاجتهاد الفقهية على اعتبار الوضع تحت الحراسة النظرية من النظام العام، و أن قواعدها قواعد آمرة، لكونها تتعلق بحرية الأفراد، تشكل في حد ذاتها قواعد جوهرية، تجد سندها في أحكام الفصل 10 من الدستور و الفصل 765 من ق/م/ج الملغي و الذي حلت محله المادة 751 من نفس القانون المذكور أي الجديد. النافذ بتاريخ فاتح أكتوبر 2003 و هو الفصل الذي يترتب البطلان على كل خرق للإجراءات التي يأمر بها القانون ، أضف إلى ذلك أن المشرع يعاقب على الاعتقال التحكمي ( الف 225 من ق/ج ) غير أن الواقع كان على المشرع، أن يسوي صراحة بين الجزاء المقرر لخرق أحكام التفتيش، و الجزاء المقرر لخرق أحكام الوضع تحت الحراسة النظرية و يرتب البطلان على ذلك.
و الملاحظ أن القانون المسطرة الجنائية الجديد النافد بتاريخ فاتح أكتوبر 2003، أبقى الوضع الذي كان سائدا في القانون الجنائي لمسطرة الملغى، و هو ما سيترك المجال واسعا للخلاف من جهة، و ما يشكل تقصيرا غير مقبول من جهة أخرى.
على اعتبار أنه من غير المعقول أن يقرر المشرع عدة إجراءات و ضمانات تتعلق بالوضع تحت الحراسة، دون أن يقرنها بجزاء، و إلا فما الفائدة من إقرار هذه الضمانات، و تلك الإجراءات ما دامت قابلة للخرق دون يترتب عن خرقها أي أثر قانوني
.


منقول ...

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة ل الناجمويب: دروس و محاضرات قانونية