ان
القانون الصادر عن دولة اجنبية معينة لا يمكن تنفيذه في المغرب بصورة تلقائية الا
باتباع مجموعة من الاجراءات تدخل ضمن ما يسمى " مسطرة التذييل بالصيغة
التنفيذية ". يعني منح القوة التنفيذية للحكم الاجنبي في المغرب, حتى تكون
للاحكام الصادرة عن المحاكم الاجنبية قوة تنفيذية في المغرب.
على
سبيل المثال زوجة مغربية استصدرت من محاكم فرنسية حكما يقضي بواجب النفقة على
زوجها المتواجد في المغرب و تريد تنفيذ هذا الحكم امام المحاكم المغربية. اذن فلا
يمكن لهذا الحكم الصادر عن سلطة قضائية اجنبية تنفيذه بصورة مباشرة في المغرب, بل
لابد من اتباع اجراء اساسي يبتدأ اولا بمقال الذي يجب ان يكون مدعما بوثائق خاصة
بناء على قواعد المسطرة المدنية, ثم بعد ذلك يجب على القاضي ان يتثبت من احترام
الاجراءات الشكلية و الموضوعية, ثم بعد ذلك يستطيع ان يصدر حكمه بتذييل هذا الحكم
الاجنبي بالصيغة التنفيذية.
و
لابد من الاشارة الى ان هناك نوعين فيما يتعلق بالتذييل:
1-
نظام المراجعة:
نظام
المراجعة نظام سائد في الانظمة الانجلوساكسونية, و الذي بمقتضاه يتعين اعادة
الدعوى من جديد, و يكون القاضي مضطرا الى ان يناقش من جديد مختلف الجوانب المرتبطة
بالمنازعات, و كأن الدعوى تعاد من جديد, و الحكم الاجنبي في هذه الحالة لا يعتبر
سوى وسيلة من وسائل الاثبات, و يحق للاطراف ان يتقدموا في اطار هذه الدعوى بطلبات
جديدة, و هذه ما يسمى بنظام المراجعة.
2-
نظام المراقبة:
نظام
المراقبة نظام سائد في المنظومة الاتينية و هو المعتمد بالنسب للتشريع المغربي, و
هو ينحصر فيه دور القاضي على مراقبة مدى احترام الحكم الاجنبي الصادر و المراد
تنفيذه في المغرب مدى احترام قواعد الاختصاص و احترام القواعد المتعلقة بالمسطرة,
و ايضا المراقبة من جانب الموضوع بالنظر فيما اذا كان القانون الاجنبي المراد
تطبيقه في المغرب مخالفا للنظام العام من عدمه.
و
بالتالي فان نظام المراقبة لا يعيد فيه القاضي الدعوة من جديد و لا يناقش وقائع
الدعوة, و انما يقتصر دوره في مراقبة مدى احترام الاجراءات الشكلية و الموضوعية, و
هذا ما نصت عليه المادة 430 و ما بعدها من قانون المسطرة المدنية, و هناك المادة
128 من مدونة الاسرة التي تشير و تحدد نظام المراقبة و تحيل بدورها على قانون
المسطرة المدنية.
و
هذه المراقبة تنقسم بدورها الى قسمان:
أ-
المراقبة الشكلية:
تنصب
على امرين اساسيين: الاختصاص بنوعيه, الاختصاص القضائي الدولي و الاختصاص القضائي
المحلي.
-
الاختصاص القضائي الدولي: القاضي عليه ان يتثبت اولا
فيما اذا كانت المحاكم الاجنبية المصدرة للحكم المراد تذييله بالصيغة التنفيذية في
المغرب, ما اذا كانت مختصة بالبث في المنازعة وفقا لقواعد الاختصاص القضائي الدولي
المغربي, في حالة ما اذا كانت المحكمة المغربية هي المختصة.
-
الاختصاص القضائي المحلي: فاذا كانت المحاكم الفرنسية
مختصة وفقا لقواعد الاختصاص المنصوص عليها في قانون الاجراءات الفرنسية, فان قواعد
الاختصاص المحلي الفرنسية هي التي يجب ان تطبق.
يتم
تقديم الطلب مرفوق بالحكم الاجنبي الصادر في الموضوع مشفوعا بترجمة باللغة العربية
ووثيقة تفيذ نهائية الحكم – شهادة عدم الطعن في الحكم – و القاضي يجب عليه من اجل
التثبت من قواعد الاختصاص, اولا استحضار قواعد الاختصاص القضائي للدولة المغربية,
تم ينظر هل كانت المحكمة الفرنسية مختصة فعلا وفقا لهذه القواعد للبث في هذه
المنازعة التي صدر في شأنها هذا الحكم.
ثم ثانيا عليه ان يرجع الى قواعد الاجراءات
المسطرية الفرنسية للتثبت فيما اذا كانت المحاكم المغربية مختصة للبث في هذا
النزاع.
كما
يجب ان نأخذ بعين الاعتبار في المراقبة الشكلية ما يتعلق بالمسطرة, فالقاضي عليه
ايضا ان يراقب مدى احترام الحكم الاجنبي الصادر في هذه المنازعة لقواعد المسطرة,
خصوصا ما يتعلق بالمبادئ الاساسية المتعارف عليها دوليا, احترام حقوق الدفاع مثلا.
ب- المراقبة الموضوعية:
المراقبة
الموضوعية تنصب على الجانب المتعلق بعدم مخالفة الحكم الصادر عن المحكمة الاجنبية
للنظام العام المغربي, و الا يكون ايضا ذلك الحكم قد صدر عن محكمة اجنبية بناء على
غش او تحايل من قبل الاطراف.
و
تجدر الاجارة الى مسألة اساسية فيما يخص النظام العام هو انه اذا رجعنا الى مجموعة
من القضايا التي نظر فيها القضاء الفرنسي في هذه المراقبة عن الاحكام الصادرة عن
المحاكم المغربية المراد تذييلها في فرنسا, نجد انه في غالب الاحيان القضاء
الفرنسي كان يحكم بعدم التذييل لانها مخالفة للنظام العام الفرنسي, خصوصا في
القضايا التي رفعت ابان سريان مدونة الاحوال الشخصية, اي قبل صدور مدونة الاسرة لان
مدونة الاحوال الشخصية كانت تتضمن مجموعة من المبادئ المخالفة للتصور الفرنسي حول
بعض الجوانب المتعلقة بالاحوال الشخصية – تعدد الزوجات مثلا ... – قبل ان يتدخل
المشرع في مدونة الاسرة من اجل التعديل.
في
حين ان القضاء المغربي يذييل بعض الاحكام الصادرة عن القضاء الفرنسي التي في
ظاهرها مخالفة للنظام العام الفرنسي. لكن ما هو اساسي في القانون المغربي فيما يخص
اشكالية تذييل الاحكام الصادرة عن المحاكم الاجنبية بالصيغة التنفيذية, هي مرتبطة
بالدرجة الاساسية بالمراقبة الشكليةو الموضوعية للحكم و لا تعاد الدعوة. و لكن
بالضرورة و لاعطاء القوة التنفيذية للحكم الاجنبي لابد من رفع الدعوى بموجب مقال
يتقدم به احد الاطراف. فالتذييل يتم بموجب حكم قضائي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق