يترتب على تأسيس الرسم العقاري بطلان ما عداه من الرسوم
وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة فيه، كما يعتبر هذا الرسم نهائيا
ولا يقبل الطعن ويعتبر نقطة الانطلاق الوحيدة لكل الحقوق العينية والتحملات
العقارية المترتبة على العقار وقت تحفيظه. والحقوق غير المقيدة على الرسم العقاري
تعتبر في حكم العدم ولا يمكن إقامة أي دعوى عينية أو أي حق عيني على العقار.
1- التحفيظ العقاري يطهر العقار و الرسم العقاري يكتسب الصفة الانتهائية :
بالتحفيظ العقاري يعتبر مالك العقار مالكا له لأنه حفظه
باسمه و ليس لأنه ورثه او اشتراه و ما الى ذلك. و بالتالي تنقطع الصلة بين العقار
و ماضيه قبل التحفيظ. فلو ان شخصا تقدم بمطلب التحفيظ على انه المالك الوحيد
للعقار في حين انه باع جزءا من هذا العقار للغير و لم يدلي هذا الغير بما يثبت
ملكيته اثناء مسطرة التحفيظ و لم يتعرض فانه لا يمكنه المطالبة بملكية الجزء الذي
اشتراه بعد تحفيظ العقار كله باسم المالك الاول. و كل ما يمكنه القيام به هو
المطالبة باسترداد ثمن العقار مع الصائر و التعويض اذا كان له محل.
و بالتالي فان جميع الحقوق العينية التي لم يعلن عنها
خلال مسطرة التحفيظ تعتبر كان لم تكن و لا يمكن الاحتجاج بها. و بما ان مسطرة
التحفيظ تتم عبر سلسلة من الاجراءات يصاحبها الاعلان و الاشهار. فعلى من تخلف عن
تقييد حقه ان يتحمل تبعات اهماله.
مع العلم أن الرسم العقاري نهائي ولا يقبل الطعن، ويعتبر
نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية والتحملات العقارية المترتبة على العقار وقت
تحفيظه دون ما عداها من الحقوق غير المقيدة. ف 62 ق 14.07. بمعنى ان الرسم العقاري
يعتبر حجة قاطعة على ما قيد فيه.
و عليه فكما جاء في الفقرة 2 من الفصل 1 من ق 14.07 التي
تنص على انه تحفيظ العقار بعد إجراء مسطرة للتطهير يترتب عنها تأسيس رسم عقاري
وبطلان ما عداه من الرسوم، وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به.
أي انه لا يمكن انكار حق الملكية المثبت برسم الملكية او الطعن فيه لسبب سابق على
التحفيظ لان انشاء الرسم العقاري يلغي جميع الرسوم. و نفس القاعدة تطبق بالنسبة
للحقوق العينية المتعلقة بالعقار المحفظ و المدرجة بالرسم بحيث تبقى ثابتة
لأصحابها و لا يمكن الطعن فيها.
كما ان الصفة النهائية لرسم الملكية تشمل الارض المحفظة
بما عليها من منشئات أو اغراس ما لم يذكر العكس في الرسم. و لا يمكن للغير المطالبة
بملكية هذه الابنية او الاغراس مادامت الارض و ما فوقها محفظة في اسم طالب
التحفيظ. و يرى بعض الفقه و الاجهاد القضائي ان قاعدة التطهير هذه تسري في حق من
يدعي حقا استمده من شخص غير طالب التحفيظ و لم يطالب به اثناء جريان مسطرة
التحفيظ. اما الخلف الخاص كمشتري العقار من طالب التحفيظ و اهمل الادلاء برسم
شرائه اثناء التحفيظ فيجب الا تطبق في حقه قاعدة التطهير. و بالتالي يمكنه ان
يطالب بملكية العقار استنادا الى عقد البيع.
و اذا اعترف صاحب العقار بان العقار المحفظ جار بملك
المشتري فان مثل هذا الاقرار يعتبر بمثابة انشاء حق جديد لاحق على التحفيظ و لا
صلة له بقاعدة التطهير.
2- استثناءات قاعدة التطهير :
نقصد بالاستثناءات على قاعدة التطهير و اكتساب رسم
التمليك الصفة الانتهائية ان هناك بعض الحقوق العينية التي تبقى قائمة و معترف بها
رغم عدم تحفيظها و من بين هذه الحقوق ما يلي :
-
الاملاك
العامة :
الأملاك العامة هي الأملاك المخصصة للاستعمال العمومي أو
لتسيير مرفق عام وهي لذلك غير قابلة للتصرف فيها، ولا يمكن لأي شخص أن يحفظ ملكا
عاما على اسمه وإن حصل التحفيظ فعلا فليس من شأنه أن يطهر العقار ولا يترتب عليه ثبوت
ملكية التحفيظ بصفة نهائية. كما أن الملك العمومي لا يمكن اكتساب ملكيته
بطريق التقادم طبقا للفصل الرابع من ظهير فاتح يوليوز 1914، بمعنى أن حيازته مهما
طالت لا تجعل العقار ملكا للحائز وإن استطاع تحفيظه.
-
العقارات المحبسة
تحبيسا عموميا :
إن الأملاك المحبسة تحبيسا عموميا شأنها شأن
الأملاك العامة لا يجوز التصرف فيها ولا تقبل التفويت طبقا لمقتضيات ظهير 7 يوليوز
1914، ولا يمكن اكتساب ملكيتها عن طريق التقادم. فلو أن شخصا تحايل بإقامة وثيقة
تملك للعقار المحبس وقام بتحفيظه باسمه ثم تبين أن هذا الملك هو محبس فإنه من
الواجب على إدارة الأوقاف أن تباشر إلغاء إجراءات التحفيظ واسترجاع العقار.
-
الحق المكتسب على
مياه عمومية :
تعتبر المياه العمومية من الأملاك العامة
حيث لا يجوز التصرف فيها ولا يمكن اكتساب حقوق عليها عن طريق التقادم.
على أن المشرع رغم كون المياه من الأملاك العامة احتفظ للأفراد والجماعات بالحقوق المكتسبة عليها من القديم وسمح لأصحاب هذه الحقوق أن يثبتوا حقوقهم هذه في مواجهة وزارة الأشغال العمومية نتيجة مسطرة إدارية خاصة أو نتيجة مراجعة قضائية، وما لم تتبع هذه المسطرة الإدارية أو المراجعة القضائية، فلا يمكن الادعاء باكتساب أي حق على المياه العامة.
ومن هنا نستنتج أن المياه شأنها في ذلك شأن الأملاك العامة لا تتأثر بقرارات التحفيظ.
على أن المشرع رغم كون المياه من الأملاك العامة احتفظ للأفراد والجماعات بالحقوق المكتسبة عليها من القديم وسمح لأصحاب هذه الحقوق أن يثبتوا حقوقهم هذه في مواجهة وزارة الأشغال العمومية نتيجة مسطرة إدارية خاصة أو نتيجة مراجعة قضائية، وما لم تتبع هذه المسطرة الإدارية أو المراجعة القضائية، فلا يمكن الادعاء باكتساب أي حق على المياه العامة.
ومن هنا نستنتج أن المياه شأنها في ذلك شأن الأملاك العامة لا تتأثر بقرارات التحفيظ.
-
الحقوق
المنجمية :
وتمنح هذه الحقوق لمن له امتياز استثمار المادة المنجمية
وتعتبر هذه الحقوق منقولة ومع ذلك تخضع للتحفيظ.
والتحفيظ الذي ينتهي بمنح رسم منجمي لا تسبقه مسطرة شبيهة بمسطرة التحفيظ العقاري بل يقتصر دور المحافظ هنا على منح الرسم استنادا على الامتياز أو الرخصة دون القيام بأي إجراء. ومن هنا فالأسلوب المعتمد في منح هذا الرسم لا علاقة له بمسرة التحفيظ العقاري وعليه فإنه لا يكتسب مناعة ولا يحوز حجية التطهير، ولذا فإن مثل هذا الرسم إذا تبين منه أنه تجاوز المساحة العقارية التي يحتويها الرسم المنجمي فإن هذا التجاوز يعاد النظر فيه فتصحح مساحة الأرض موضوع الرسم المنجمي وترد إلى الحدود الصحيحة، وعلى العكس من ذلك إذا تضمن الرسم مساحة أقل من مساحة الأرض محل الامتياز فإن صاحب حق الاستثمار له الحق في أن يطالب بتصحيح الرسم لتتساوى مساحة الأرض مع مساحة الامتياز.
والتحفيظ الذي ينتهي بمنح رسم منجمي لا تسبقه مسطرة شبيهة بمسطرة التحفيظ العقاري بل يقتصر دور المحافظ هنا على منح الرسم استنادا على الامتياز أو الرخصة دون القيام بأي إجراء. ومن هنا فالأسلوب المعتمد في منح هذا الرسم لا علاقة له بمسرة التحفيظ العقاري وعليه فإنه لا يكتسب مناعة ولا يحوز حجية التطهير، ولذا فإن مثل هذا الرسم إذا تبين منه أنه تجاوز المساحة العقارية التي يحتويها الرسم المنجمي فإن هذا التجاوز يعاد النظر فيه فتصحح مساحة الأرض موضوع الرسم المنجمي وترد إلى الحدود الصحيحة، وعلى العكس من ذلك إذا تضمن الرسم مساحة أقل من مساحة الأرض محل الامتياز فإن صاحب حق الاستثمار له الحق في أن يطالب بتصحيح الرسم لتتساوى مساحة الأرض مع مساحة الامتياز.
3- الحقوق العينية المتعلقة بالعقار المحفظ لا تكتسب بالتقادم المكسب و لا تسقط
بالتقادم المسقط :
إن التقادم لا يكسب أي حق عيني على العقار
المحفظ في مواجهة المالك المقيد، ولا يسقط أي حق من الحقوق العينية المقيدة بالرسم
العقاري. ف 62 من ق 14.07. لان قاعدة الحيازة سند الملكية لا يمكن تطبيقها في مجال
العقارات المحفظة. فلو ان شخصا حاز عقارا مملوكا لشخص اخر و محفظا على اسمه لمدة
طويلة تعادل او تفوق مدة التقادم المكسب فانه لا يصبح مالكا لذلك العقار و يبقى من
حق المالك المطالبة بعقاره في أي وقت. و كذلك الامر بالنسبة لباقي الحقوق العينية
العقارية لا تكتسب و لا تسقط بالتقادم.
4- صاحب الحق العيني المتضرر من التحفيظ العقاري لا يمكنه المطالبة بحقه عينا و
ليس له الا اقامة دعوى شخصية للحصول على التعويض في حالة التدليس لا غير و
باسترداد قيمته :
ان الرسم العقاري يكتسب الصفة النهائية المطلقة و غير
قابلة للطعن. و بالتالي لا يمكن لصاحب حق عيني مرتب على عقار لم يتم تحفيظه اثناء
جريان مسطرة التحفيظ ان يطالب به عينا. و لو كان عدم التقييد يرجع لاحتيال او
تدليس طالب التحفيظ او احد موظفي المحافظة على الاملاك العقارية و حتى لو كان
المتضرر خلفا خاصا لطالب التحفيظ. و هذا ما اكده المشرع في الفصل 64 من قانون
14.07 الذي يجري سياقه على النحو التالي : لا يمكن إقامة أي دعوى في العقار بسبب حق وقع الإضرار به من جراء
تحفيظ. يمكن للمتضررين في حالة التدليس فقط أن يقيموا على مرتكب التدليس دعوى
شخصية بأداء تعويضات. في حالة إعسار المدلس تؤدى التعويضات من صندوق التأمينات
المحدث بمقتضى الفصل 100 من قانون 14.07.
و في حالة التدليس يمكن للمتضرر اما ان يقيم الدعوة على
طالب التحفيظ او المحافظ العقاري او الدولة :
-
ممارسة دعوى الاسترداد :
في حالة مشتري العقار الذي دفع الثمن لكن البائع حفظ
العقار باسمه و فقد المشتري حقه في المطالبة بالملكية يمكن اعمال الفصل 70 من
ق.ل.ع. في هذا الصدد الذي ينص على انه يجوز استرداد ما دفع لسبب مستقبل او لسبب
كان موجودا و لكنه زال.
و بمان ان المشتري لا يمكنه استرداد العقار طبقا لقاعدة
التطهير و ان السبب الذي من اجله دفع الثمن لم يتحقق يصبح من حقه المطالبة بالثمن
الذي دفعه. بالإضافة الى انه يمكن ان يطالب بالتعويض ان كان له سبب. و على العكس يمكنه
المطالبة بما دفع دون التعويض متى ما كان سبب ضياع الحق راجعا لخطأ او اهمال من
جانبه اذ بالرغم من حضوره و علمه بجريان مسطرة التحفيظ الا انه لم يتقدم باي تعرض
للمطالبة بحقه.
1- ممارسة
الدعوى ضد مرتكب التدليس :
يمكن للمتضررين في حالة التدليس فقط أن يقيموا
على مرتكب التدليس دعوى شخصية بأداء تعويضات. الفقرة 2 من الفصل 64 من ق 14.07.
و التدليس هنا لا يقتصر على استعمال وسائل احتيالية فقط.
و انما يتحقق ايضا بمجر اخفاء حق المتضرر رغم العلم بوجوده. و ذلك قد يتم عن طريق
تحفيظ العقار من طرف المالك مع عدم التنصيص في الرسم العقاري على وجود حق المتضرر
رغم علمه بوجوده او ان يدلي بتصريح كاذب يؤدي الى الاضرار بحق الغير. اذن سوء
النية يمكن ان يدخل في اطار التدليس و يستتبع ذلك اداء التعويض.
و في حالة إعسار المدلس تؤدى التعويضات من صندوق
التأمينات المحدث بمقتضى الفصل 100 من قانون 14.07. الفقرة 3 من الفصل 64 من قانون
14.07. و الفصل المشار اليه ينص على انه يؤسس صندوق للتأمين الغاية منه أن يضمن،
في حالة عسر المحافظ العام أو المحافظين على الأملاك العقارية، أداء المبالغ
المالية التي قد يحكم بها عليهم لصالح الطرف المتضرر من جراء خطأ في التحفيظ أو في
تقييد لاحق. يحدد السقف الأقصى للصندوق المذكور في مبلغ مائة مليون درهم. يعوض كل
نقص منه نتيجة تنفيذ حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به من ميزانية الوكالة الوطنية
للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية للسنة الموالية لتلك التي وقع فيها
هذا النقص.
علما ان دعوى التعويض في الفصل 64 المشار اليه اعلاه
تخضع للتقادم المسقط طبقا للفصل 106 من ق.ل.ع. المتعلق بتقادم دعوى المسؤولية
التقصيرية. المحدد في 15 سنة ابتداء من علم المتضرر بالضرر المتجسد في حدوث
التحفيظ و تتقادم في جميع الاحوال الدعوة بمضي 20 سنة من تاريخ وقوع التحفيظ في
السجل العقاري.
2- ممارسة
الدعوى ضد موظفي المحافظة العقارية او الدولة :
من الناحية القانونية يمكن أن تتحقق مسؤولية المحافظ على
الأملاك العقارية بمقتضى نصين احدهما عام مضمن بقانون
الالتزامات والعقود والثاني خاص مضمن بظهير التحفيظ العقاري. و عليه فان مسؤولية المحافظ ينظمها الفصلان 79 و 80 من
ق.ل.ع و ذلك طبقا لما نص عليه الفصل 5 من القرار الوزاري الصادر في 4 يونيو 1915
المتعلق بتنظيم مصلحة المحافظة العقارية. و بالرجوع الى هاذين الفصلين يتبين ان
الدولة و البلديات مسؤولة عن الاضرار الناتجة مباشرة عن تسيير ادارتها و عن
الاخطاء المصلحية لمستخدميها.
اما بالنسبة للأخطاء الشخصية الصادرة عن تدليس
المستخدمين و عن اخطائهم الجسيمة عند تأديتهم وظائفهم فان الدولة لا تتحملها الا
في حالة اعسارهم. و بهذا يتحمل صندوق التامين اداء التعويض اذا كانت الدولة هي
المسؤولة أي اذا كان الضرر ناتج عن خطأ من المحافظ العقاري او المحافظ العام. اما
اذا كان الخطأ نتيجة خطأ جسيم او تدليس المحافظ العام او المحافظ العقاري فان
الدعوى تقام ضدهم شخصيا و لا يمكن الرجوع على الدولة الا في حالة اعسارهم.
3- دعوى
الاثراء بلا سبب :
يمكن للمتضرر ان يسلك طرق دعوى
الاثراء بلا سبب في حالة لم يستطع ان يثبت فاقد الحق التدليس من جانب طالب التحفيظ
كما لو كان هذا الاخير حسن النية. او لم يستطع اثبات خطأ في جانب المحافظ او موظفي
المحافظة العقارية. حيث يرجع على المستفيد من التحفيظ على اساس انه اثرى بدون وجه
حق على حسابه.
و عليه فان التحفيظ العقاري يؤدي
إلى تثبيت العقار ماديا و قانونيا بصورة قاطعة و نهائية و إلغاء جميع الرسوم و
الحقوق التي لم يجري ذكرها في رسم الملكية، و الاعتراف فقط بالحقوق المضمنة بالسجل
العقاري و لو كانت غير مشروعة، و صيانة هذه الحقوق من خطر اكتسابها بمرور الزمن.
وبالمقابل وحماية لحقوق المالكين نجد المشرع، قد فسح المجال لكل من تضرر ت حقوقه نتيجة التحفيظ للمطالبة بالتعويض عن هذه الأضرار عن طريق دعوى شخصية لا عينية. كما أن المشرع قد أ خرج بعض العقارات من مبدأ القوة الثبوتية للتحفيظ وذلك لاعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة و النظام العام الاقتصادي.
وبالمقابل وحماية لحقوق المالكين نجد المشرع، قد فسح المجال لكل من تضرر ت حقوقه نتيجة التحفيظ للمطالبة بالتعويض عن هذه الأضرار عن طريق دعوى شخصية لا عينية. كما أن المشرع قد أ خرج بعض العقارات من مبدأ القوة الثبوتية للتحفيظ وذلك لاعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة و النظام العام الاقتصادي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق