السبت، 1 أكتوبر 2016

علم الاجرام: مقدمة


علم الاجرامتعريف علم الاجرام:
علم الاجرام هو الدراسة العلمية للظاهرة الاجرامية والبحث الذي يهدف إلى تحديد أسباب الاجرام.
و هو ايضا فرع من فروع العلوم الجنائية الذي يبحث في الجريمة باعتبارها ظاهرة في
حياة الفرد, والمجتمع, وتحديد وتفسير العوامل التي أدت إلى ارتكابها. 


أهمية علم الإجرام
يحتل علم الإجرام مكانة عالية من الأهمية لما يقدمه من فوائد وخدمات في مجالات الدراسات المتصلة بالجريمة. وتبرز هذه الفوائد واضحة في الوصول إلى فهم للمجرم والجريمة والضحية، أو المجني عليه. كما تبرز في تسويغ العقوبة ومعرفة ارتباطها بحالات الإجرام أو أشكاله.
يضاف إلى ذلك أن علم الإجرام يقدم وقائع لازمة إلى أجهزة القضاء والعدالة الجزائية (أو الجنائية) والعدالة العقابية والسياسة التي تنطلق منها العدالتان. والوقائع التي يقدمها علم الإجرام ضرورية للمشرع الجزائي، والقاضي الجزائي، وممثلا لنيابة العامة، ولجميع أطراف الدعوى الجزائية (الجنائية) وفيهم المحامي. وهي مفيدة كذلك لرجل الشرطة والأمن ومن يضطلع بتنفيذ الأحكام الجزائية المختلفة من عقوبات وتدابير احترازية أو تدابير إصلاحية
الفرق بين الاجرام والجريمة:
ينبغي التمييز بين مصطلح "جريمة" (crime) و"إجرام" (Criminalité) لأن هناك فرق كبير بينهما، يعود الفضل في أواخر الخمسينيات إلى جون بيناتل (Jean Piantel) الذي وضع قاعدة منهجية تسمى قاعدة "مستويات التفسير" (niveaux d’interpretation) وبفضلها يمكن التمييز بين "الجريمة" و "الاجرام" .
تتمثل قاعدة " مستويات التفسير " في ان هناك ثلاث مستويات للتفسير في علم الاجرام من المهم جدا معرفتها وهي:
- الاجرام (
Criminalité )
- المجرم (
criminel )
- الجريمة (
crime)crimeوينبغي ان تجمع المعطيات المتوفرة عن الفعل الاجرامي (action criminelle) على اساس هذا المحك (3 مستويات) كما يتم التفسير وفق المستوى التي جمعت على اساسه. فالمعطيات الخاصة بالاجرام (Criminalité) مثل العلاقة بين الحروب او الثورات والانحراف لا يكون لها معنى (دلالة) الا اذا اخذت على صعيد المجتمع, اما المعطيات التي تخص شخصية المجرم فلا تسلط الضوء سوى على الظاهرة الفردية. إذن يمثل الإجرام ظاهرة جماعية (Collectif) والجريمة ظاهرة فردية.
ويضيف جون بيناتل (
J.Pinatel) انه اذا كان من المفروض الفصل بين هذه المستويات الثلاثة عند جمع البيانات عن الوقائع (faits), لا يمنع هذا عن محاولة في مرحلة ثانية, ايجاد الروابط (العلاقات) التي يمكن ان توجد بين "المرور إلى الفعل" و "الشخصية", وبين "الشخصية" و "المجتمع ككل". وأخيرًا بين "المرور إلى الفعل" و"المجتمع ككل".
لقد أهمل الباحثون المعاصرون في علم الاجرام البحث في الروابط بين الظاهرة الجماعية والظاهرة الفردية (اي بين الاجرام والجريمة). ويسمى العلماء "الاجرام" ايضا الاجرام المكبر (
Macrocriminolgie) و يسمون "الجريمة" الإجرام المصغر (Microcriminolgie).
ينبغي الربط (الجمع) بين معطيات " الاجرام" و"الجريمة" لأنهما متكاملان ويدلان على مظهرين متكاملين لنفس الظاهرة ألا وهي "الفعل الاجرامي" (
Action Criminelle).
ويمكن على اساس هذا النموذج معلمة العلاقة بين الاجرام و "الجريمة الفردية" على ثلاث مستويات:
- على مستوى تكوين شخصية المنحرفين.
- على مستوى تكون الوضعيات قباجرامية(
situation précriminelle )
- على مستوى سيرورة المرور الى الفعل الجانح(
Acte délictueux) وكمثال نأخذ عوامل الإجرام على مستوى جماعي (مجتمعي)؛ مثل الحرب، أو الثورة، أو الأزمة الاقتصادية أو التمدن (urbanisme)، أو الهجرة، ونبحث عن عامل أو عوامل الجريمة الفردية المناسبة له.

موضوع علم الاجرام:
استأثر المجرم والجريمة والضحية باهتمام علم الإجرام، وإن كانت هناك دراسات وجهود حديثة في العالم تسعى إلى استحداث علم خاص يهتم بالضحية victim اسمه علم (الضحية) victimology.
وفيما يلي بيان مختصر يوضح كيف يؤلف المجرم والجريمة والضحية جميعاً موضوع علم الإجرام ومجالاته الأصلية.
ففي إطار اهتمام علم الإجرام بالمجرم: يُرى أن علم الإجرام يهتم بصورة عامة بالإنسان السوي وكذلك بالإنسان غير السوي الذي يعاني من الاضطرابات النفسية العامة او العقلية أو العصبية وقد انعكس اهتمامه هذا على التصانيف المختلفة للفاعل المجرم الواردة في بعض قوانين العقوبات في العالم.
وفي إطار اهتمام علم الإجرام بالجريمة يُلاحظ أن علم الإجرام قد اهتم بأسباب الجريمة وعواملها وبالنزعات والمذاهب الأساسية المختلفة في تفسيرها. وهذه النزعات هي: النزعة البيولوجية (الحيوية) والنزعة الاجتماعية والنزعة المختلطة أو البيولوجية الاجتماعية (التكاملية) والنزعة التكوينية الاستعدادية.
وفي إطار اهتمام علم الإجرام بالضحية، يُرى أن علم الإجرام قد اهتم بالضحية لأنه أحد أركانه الأساسية التي لا تنفصل عن المجرم فللضحية أحياناً أثر كبير في الجريمة التي وقعت، وقد يكون جنس المعتدى عليه أو لونه أو لغته أو دينه أو سنه أو وضعه الوظيفي أو الاجتماعي أو السياسي أو غير ذلك، هو السبب الرئيس فيما وقع عليه من جرائم.

فروع علم الإجرام:
يشمل علم الإجرام الحديث مجموعة من العلوم التي يمكن أن تمثل فروعاً له وهي علم طبائع المجرم- علم النفس الجنائي- علم الاجتماع الجنائي. ونتناولها فيما يلي:

1- علم طبائع المجرم:
ويطلق عليه علم البيولوجيا الجنائية ويرجع الفضل في نشأته للايطالي لومبروزو مؤسس المدرسة الوضعية الايطالية. ويهتم هذا العلم بدراسة الخصائص والصفات العضوية للمجرم من ناحية التكوين البدني أو الخارجي أو من حيث أجهزة الجسم الداخلية وانتهي لومبروزو إلى أن هناك علاقة ثابتة بين التكوين العضوي للمجرم والجريمة وان المجرم هو صورة للإنسان البدائي وذهب للقول بوجود المجرم بالميلاد وهو من تتوافر لديه مجموعة من الخصائص العضوية التي تميزه عن غير المجرمين.

2-  علم النفس الجنائي:
يهتم بدراسة الجوانب النفسية للمجرم والتي تدفعه لارتكاب الجريمة وتسمى بعوامل التكوين النفسي للمجرم. ويقوم على دراسة القدرات الذهنية للمجرم ومدى استعداده أو ميله الذهني لارتكاب الجريمة. ويستعين الباحث فيه بأساليب التحليل النفسي التي قال بها فرويد والتي تلقي الضوء على عناصر هذا الاستعداد الذهني لارتكاب الجريمة.
 
يرى بعض الفقهاء أن علم النفس الجنائي هو جزء من علم البيولوجيا الجنائية أو علم طبائع المجرم باعتبار الأخير يتناول أيضاً التكوين النفسي للمجرم وأنه من الصعب الفصل بين التكوين العضوي والتكوين النفسي للمجرم كما أن الصفات الجسمانية للشخص تؤثر على نفسيته وميله للإجرام.

3-  علم الاجتماع الجنائي:
يدرس هذا العلم العوامل الإجرامية ذات الطابع الاجتماعي حيث يدرس الجريمة باعتبارها ظاهرة اجتماعية ناتجة عن تأثير البيئة الاجتماعية المحيطة بالفرد.
ويقوم هذا العلم على أساس أن أسباب الجريمة لا يمكن أن تنحصر في الخصائص العضوية والنفسية للمجرم وان العوامل الاجتماعية تؤثر تأثير هام على هذه العوامل الداخلية فتنشطها وتتفاعل معها في إنتاج الجريمة.

أهمية دراسات علم الإجرام
من الناحية التشريعية:
تفيد أبحاث علم الإجرام المشرع في التدخل عن طريق التشريع للمساهمة فى مكافحة الظاهرة الإجرامية وذلك من خلال أبحاث علم الإجرام ودراسته حول تصنيف المجرمين لطوائف من خلال دراسة متكاملة لشخصية المجرم تحدد العقوبة المناسبة له والأسلوب الملائم له من الناحية التشريعية ومن ناحية المعاملة العقابية.
و في ضوء هذه الأبحاث يمكن للمشرع التدخل باختيار العقوبات أو التدابير الاجتماعية أو الاحترازية المناسبة لكل طائفة من طوائف المجرمين. ودراسات علم الإجرام هي التي دفعت المشرع لان يفرد للمجرمين الأحداث نظام عقابي خاص يتناسب معهم ويختلف عن المقرر للمجرمين البالغين.

- من الناحية القضائية:
تفيد الدراسات في نطاق علم الإجرام القاضي الجنائي في اختيار العقوبة أو التدبير الملائم لكل متهم في ضوء استعماله لسلطته التقديرية التي منحها له المشرع. وحتى يتم ذلك بطريقة سليمة يجب أن يقدم للقاضي ما يمكنه من التعرف على شخصية المتهم الإجرامية للوقوف على مدى خطورته الإجرامية على المجتمع ويساعد ذلك على مكافحة الجريمة من خلال تطبيق الحد الأدنى أو الأقصي للعقوبة أو توقيع تدبير احترازي بدلاً من العقوبة الجنائية أو اللجوء لنظام وقف التنفيذ إذا كانت ظروف المتهم تستوجب ذلك.

3-  من ناحية التنفيذ العقابي:
تتيح الدراسات الحديثة فى علم الإجرام للسلطة القائمة بتنفيذ العقوبة اختيار أفضل وسائل المعاملة العقابية للمحكوم عليه. ويتم ذلك من خلال تصنيف المجرمين من حيث السن والجنس والخطورة الإجرامية ومن حيث اختيار نوع العمل داخل المؤسسة العقابية الذي يحقق التأهيل للمحكوم عليه حتى يخرج مواطناً صالحاً قادراً على التكيف مع المجتمع مرة أخرى.
واختيار أسلوب المعاملة العقابية يتم من خلال الفحص البدني والنفسي والعقلي والاجتماعي للمحكوم عليه حيث يساعد ذلك على معرفة العوامل التي أدت لارتكاب الجريمة ويفيد ذلك في معالجتها والقضاء عليها


ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة ل الناجمويب: دروس و محاضرات قانونية