الاثنين، 20 يونيو 2016

وسائل الأداء والائتمان: إنشاء الشيك

باعتبار الشيك تصرفا قانونيا صرفيا، فلا بد من توفره على الشروط الموضوعية والشكلية التي حددها القانون.
إنشاء الشيك


الشروط الموضوعية
يجب لكي ينشأ الشيك صحيحا شأنه شأن الكمبيالة والسند لأمر أن تتوفر في أشخاصه أو أطرافه الشروط الموضوعية اللازمة لقيام وصحة التصرفات عامة.
وما دام التعامل بالشيك يعتبر أصلا من الأعمال المدنية فإنه يجب على منشئ الشيك أن يكون متوفرا على الأهلية اللازمة لممارسة الأنشطة المدنية أي بلوغه 18 سنة شمسية كاملة، دون أن يصاب بعارض من عوارض الأهلية كالجنون والسفه والعته...
كذلك يجب أن يكون رضا الساحب موجودا وخاليا من عيوب الرضا، وأن يكون موضوع أو محل الشيك هو الأمر الناجز بأداء مبلغ معين من النقود (م 239)، وأن يقوم الالتزام بالشيك على سبب مشروع وإلا كان الشيك باطلا وكأن لم يكن.

الشروط الشكلية
وتتمثل في الكتابة والبيانات الإلزامية
الفقرة الأولى: الكتابة
كما هو الشأن بالنسبة للكمبيالة، فإن الكتابة شرط أساسي لنشوء الشيك وكذا لإثباته فالشيك يحرر، وهذا التحرير يجب أن يحصل كتابة طبعا.
وتضع البنوك عادة رهن إشارة زبنائها دفاتر شيكات مطبوعة بنماذج موحدة، ويبقى على الزبون فقط ملء بعض البيانات، وتصدر هذه النماذج بألوان بارزة وتوجد بها علامات مغناطيسية وذلك للحد من ظاهرة تزويرها.
وقد أوجب المشرع تحرير الشيك وفقا للنماذج المسلمة من المؤسسات البنكية أو الهيئة المرخص لها بذلك بحيث كل تحرير مخالف لهذه النماذج يعتبر غير صحيح، وبذلك يمنع تحرير الشيكات على ورق عادي بالرغم من إدراجه لجميع البيانات المتطلبة لإنشائه، ولكن قد يعتبر سندا عاديا لإثبات الدين إذا توافرت شروط هذا السند (الفقرة الأخيرة من المادة 240 م ت)

الفقرة الثانية: البيانات الإلزامية
وهي كالتالي حسب ما جاء في المادة 239 م ت:

أولا: تسمية الشيك
كما رأينا بالنسبة للكمبيالة، فإن الشيك كذلك لا بد أن تدرج هذه التسمية "شيك" في نص السند ذاته، وأن تحرر بنفس اللغة المستعملة لتحرير هذا السند (ادفعوا مقابل هذا الشيك...)، والغاية من ذلك هو التعرف على ماهية الورقة والتمييز بينها وبين الكمبيالة التي يمكن أن تكون بدورها مستحقة الأداء بمجرد الإطلاع ومسحوبة على مؤسسة بنكية.

ثانيا: الأمر الناجز بأداء مبلغ معين
باعتبار الشيك أداة وفاء سهلة وسريعة، فإن الساحب عند إصداره الأمر إلى المسحوب عليه بأداء مبلغ الشيك، فإن هذا الأمر الصادر عنه يجب أن يكون ناجزا، لذا لا يجوز أن يعلق على شرط أو أجل حتى وإن كان هذا الأجل محددا. وهنا يختلف الشيك عن الكمبيالة فإن كان الأمر في هذه الأخيرة يمكن أن يرتبط بأجل محدد أو قابل للتحديد، وهو ميعاد الاستحقاق، فإن الشيك باعتباره مستحق الوفاء بمجرد الإطلاع فإنه لا يجوز أن يرتبط بأجل حتى وإن كان هذا الأجل محددا.
وهكذا فإن ارتبط الشيك بأجل فإن ذلك لا يعتد به، فإن تم فيه تأخير تاريخ إنشائه لمنع صرفه فور صدروه، فإن ذلك التاريخ المؤخر لا يتعد به ويكون مستحق الوفاء فور صدوره، وهو ما أكدته المادة 267 م ت: "الشيك مستحق الوفاء بمجرد الإطلاع، ويعتبر كل بيان مخالف لذلك كأن لم يكن.
الشيك المقدم للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره يجب وفاءه في يوم تقديمه".
والمبلغ المكتوب في الشيك يجب أن يكون نقدا، إذ لا يجوز سحب شيك في شكل بضائع أو قيم منقولة، ويجب ذكر مبلغ النقود بالحروف والأرقام، وقد جرت العادة على ذكر المبلغ بالأرقام في الأعلى وبالحروف في صلب الشيك، وعند الخلاف يعتد بالمبلغ المكتوب بالحروف طبقا للمادة 247 م ت.
وقد منع المشرع اشتراط الفائدة في الشيك (م 245 م ت)، وكل اشتراط يخالف ذلك يجعل الشرط باطلا وكأن لم يكن، أما الشيك فيبقى صحيحا وقائما بوظيفته كاملة.

ثالثا: اسم المسحوب عليه
يعتبر اسم المسحوب عليه بيانا إلزاميا وجوهريا يترتب على تخلفه بطلان الشيك ولا يجوز أن يكون المسحوب عليه سوى مؤسسة بنكية أو فرعا أو وكالة تابعة لها، أو هيئة أخرى يخول لها القانون صلاحية مسك حسابات يمكن أن تسحب عليها الشيكات (م 241) كالخزينة العامة والقرض العقاري وقابضي إدارة المالية، كما يمكن أن يكون المسحوب عليه مصلحة الشيكات البريدية.
ويعاقب الساحب الذي يصدر شيكا على غير المؤسسات البنكية أو ما في حكمها بغرامة قدرها 6% من مبلغ الشيك على ألا يقل مبلغ هذه الغرامة عن مائة درهم (م 307)
ولا يمكن للمؤسسة البنكية أو الهيئات التي خول لها القانون صلاحيات مسك حسابات أن تقوم بسحب شيكات على نفسها، أي أن تكون ساحبة ومسحوبا عليها إلا استثناء بتوفر شروط معينة حددتها المادة 244 م ت وهي:
- أن يكون سحب الشيك قد تم من بنك على أحد فروعه
- أن يكون هذا الشيك اسميا وليس للحامل

رابعا: مكان الوفاء
هذا المكان غالبا ما يكون هو مكان المسحوب عليه، إلا أنه ليس هناك ما يمنع أن يحدد مكان اختياري للوفاء (المحل المختار)، إلا أن هذا المحل المختار يجب أن يكون بنكا.
واستثناء من قاعدة بطلان الشيك لتخلف بيان إلزامي، فإن عدم ذكر مكان الوفاء في الشيك لا يؤدي إلى بطلانه، بل يبقى صحيحا، ويعتبر مكان الوفاء هو المكان المذكور بجانب اسم المسحوب عليه، وإذا لم يذكر أي مكان بجانب اسم المسحوب عليه اعتبر مكان الوفاء هو مكان وجود المقر الرئيسي للبنك المسحوب، وإذا ذكرت عدة أماكن بجانب اسم المسحوب عليه، فإن مكان الوفاء يعتبر هو المكان الذي ذكر في الأول (م 240)

خامسا: تاريخ ومكان إنشاء الشيك
جعل المشرع من تاريخ إنشاء الشيك بيانا إلزاميا يؤدي تخلفه إلى بطلان الشيك (م 239)، إذ على إثره يتحدد تاريخ وأجل التقديم للوفاء الذي يبدأ احتسابه من التاريخ المبين في الشيك كتاريخ للإصدار، حيث إذا كان الشيك صادرا في المغرب ومستحق الوفاء به، وجب تقديمه للوفاء داخل أجل 20 يوما.
أما إذا كان الشيك صادرا خارج المغرب وكان مستحق الوفاء به وجب تقديمه للوفاء داخل أجل 60 يوما وهذا ما أكدته المادة 267 م ت
كما يفيد تحديد تاريخ الإنشاء في تحديد أهلية الساحب، وتوفر الرصيد أو المؤونة الذي يجب أن يكون موجودا عند إصدار الشيك، وإلا اعتبر الشيك بدون مؤونة.
ويعاقب الساحب الذي يصدر شيكا دون أن يعين فيه تاريخ الإنشاء بغرامة مالية قدرها 6% من مبلغ الشيك على ألا يقل مبلغ الغرامة عن مائة درهم (م 307)
ولا يترتب على وضع تاريخ إنشاء غير حقيقي أو كاذب بطلان الشيك لأنه مع ذلك يحمل تاريخا، كل ما في الأمر أنه تاريخ كاذب أو مغلوط، يعاقب عليه بالعقوبة المشار إليها أعلاه.
وينبغي أن يتضمن الشيك إلى جانب تاريخ الإنشاء مكان إنشائه، فإن لم يذكر هذا البيان بطل الشيك، ما لم يعين مكان بجانب اسم الساحب (م 240)، ويعاقب الساحب أيضا على هذا الإهمال أو الإغفال بنفس الغرامة المذكورة أعلاه (م307).
وتتجلى أهمية ذكر مكان إنشاء الشيك خاصة في حل مشكل تنازع القوانين، وتحديد القانون الواجب التطبيق.

سادسا: اسم وتوقيع الساحب
طبقا للمادة 239 والمادة 308 من م ت يتوجب على كل مؤسسة بنكية أو هيئة مماثلة أن تسلم لزبونها صيغ شيكات على بياض قابلة للوفاء بصندوقها، أن تضمن في كل صيغة اسم الشخص الذي سلمت له أي الساحب تحت طائلة بطلان الشيك الخالي من هذا البيان، لأن تخلف هذا البيان لا يدخل ضمن الاستثناءات التي حددت على سبيل الحصر.
ويجب على الساحب إن أغفل البنك إدراج هذا البيان أن يتدارك الأمر بوضع اسمه، وإلا تحمل نتيجة بطلان الشيك، وإن كان من الممكن أن يعتبر سندا عاديا لإثبات الدين إن توفرت شروط هذا السند، مع بقاء مسؤولية البنك قائمة عن هذا الإهمال لأنه هو الآخر ملزم بتضمين كل صيغة اسم الشخص الذي سلمت له.
ولا ينشأ الشيك صحيحا ومنتجا لآثاره إلا إذا وقعه الساحب، ولا يمكن أن يكون التوقيع، سواء صدر عن الساحب أو عن وكيله إلا خطيا أي استبعاد وسائل التوقيعات الأخرى.
ويتوجب على البنك قبل الوفاء أن يتأكد من صحة توقيع الساحب، استنادا إلى التوقيع الأصلي المودع لديه قبل فتح الحساب والتأكد من عدم تزويره أو تقليده وإلا تحمل بالمسؤولية عن الإهمال وتوجب عليه إصلاح الأضرار اللاحقة بالساحب
وإلى جانب هذه البيانات الإلزامية يملك الأطراف كامل الحرية لإضافة بيانات اختيارية تنظم العلاقات بينهم، شرط أن لا تكون مخالفة لطبيعة قانون الصرف الذي يحكم الشيك، أو بيانات يمنع إدراجها أو مخالفة للنظام العام

الفقرة الثالثة: الآثار المترتبة عن تخلف البيانات الإلزامية
بعد أن حددت المادة 239 من م ت البيانات التي يجب أن يشتمل عليها الشيك، جاءت المادة 240 منه لتبين الأثر الذي يترتب على تخلف إحدى البيانات المذكورة حيث يصبح الشيك باطلا إلى في حالتين تتعلق بمكان الوفاء ومكان الإنشاء
1- فإذا لم يعين مكان الوفاء يعتبر المكان المعين بجانب اسم المسحوب عليه مكانا للوفاء.
ما لم يرد في السند خلاف ذلك، وإذا عنيت عدة أمكنة إلى جانب المسحوب عليه وجب الوفاء في المكان المعين أولا.
وإذا كان الشيك خاليا من البيانات أعلاه أو من بيان آخر، وجب الوفاء في المكان الذي توجد به المؤسسة الرئيسية للمسحوب عليه.

2- إذا خلا الشيك من بيان مكان إنشائه، اعتبر منشأ في المكان المبين بجانب اسم الساحب.

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة ل الناجمويب: دروس و محاضرات قانونية