يعتبر الشيك أحدث نشأة من الكمبيالة، فإذا كانت الكمبيالة قديمة قدم الحضارة
الإنسانية، فإن الشيك هو وليد العصور الحديثة، هذا ويرجع المؤرخون ظهور الشيك إلى
القرن 18 وذلك مع انتشار ظاهرة البنوك خاصة في أوروبا.
وترتبط فكرة الشيكات نشأة وأهمية بفكرة البنوك من خلال أن المسحوب عليه في
الشيك يكون دائما وأبدا بنكا أو مؤسسة مالية، على خلاف ما هو عليه الأمر في
الكمبيالة أو السند لأمر، إذ قد يكون المسحوب عليه في الورقة الأولى، أو المتعهد
في الورقة الثانية بنكا أو شخصا معنويا من غير البنوك أو شخصا ذاتيا طبيعيا
(الإنسان)
وقد ازدهر التعامل بالشيك بحيث أصبح أداة وفاء مهمة للديون إضافة إلى كونه
أداة لنقل النقود، ومما زاد من أهمية الشيك هو أن العديد من التشريعات تلزم بعض
الأشخاص بالتعامل بالشيك بالنسبة لبعض معاملاتهم. وهو النضج الذي سار فيه المشرع
المغربي في مدونة التجارة حيث جاء في المادة 18: "يتعين على كل تاجر، لأغراضه
التجارية، أن يفتح حسابا في مؤسسة بنكية أو في مركز للشيكات البريدية".
وفي المادة 306: "يجب أن يقع كل وفاء بين التجار في المعاملات التجارية
بشيك مسطر أو بتحويل إذا زاد المبلغ على عشرة آلاف درهم".
يعاقب على عدم مراعاة مقتضيات الفقرة السابقة بغرامة لا تقل مبلغها عن ستة في
المائة من المبلغ الموفى.
يسأل كل من الدائن والمدين عن هذه الغرامة على وجه التضامن".
ومما زاد في تشجيع الأشخاص على التعامل بالشيك الحماية القانونية التي يحظى
بها والتي تستهدف الحفاظ على الثقة العامة وتدعيم مصداقيته كوسيلة وفاء فورية في
التعامل عن طريق سن المشرع لمجموعة من الآليات يغلب عليها طابع الوقائي والردعي
خاصة فيما يخص إصدار شيكات بدون مؤونة.
ثانيا: تعريف الشيك
لم يعرف المشرع الشيك ولم يحدد طبيعته أو ماهيته، إلا أن الفقه والقضاء استقرا
على وضع تعاريف كلها تركز على أهم خصائص الشيك.
وهكذا يمكن تعريف الشيك بأنه: "ورقة أو صك محرر وفق شكلية حددها القانون
يتضمن أمرا صادرا من شخص يسمى الساحب موجه إلى المسحوب عليه (بنك أو مؤسسة مالية)
وذلك بدفع مبلغ من النقود عند الإطلاع لفائدة شخص ثالث هو المستفيد أو
الحامل".
ثالثا: الإطار القانوني للشيك
على غرار توحيد قواعد الكمبيالة والسند لأمر على الصعيد الدولي سنة 1930، صدرت
في 19 مارس1931 اتفاقية جنيف المنظمة للقواعد المطبقة في مجال الشيك.
أما بالنسبة للمغرب فإن أول عمل تشريعي نظم التعامل بالشيك هو ظهير الالتزامات
والعقود الصادر في 12 غشت1913 في الفصول من 325 إلى 334 التي تم إلغاؤها بصدور
ظهير 19 يناير1939، والذي تبنى فيه المشرع المغربي مقتضيات اتفاقية جنيف لسنة
1931.
وقد بقيت الأمور جامدة لسنوات طويلة، إلى أن تحركت الآلة التشريعية سنة 1996
بصدور مدونة التجارة التي تضمنت النصوص المنظمة للشيك في المواد من 239 إلى 328
إلى جانب نصوص الكمبيالة والسند لأمر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق