الأحد، 10 يوليو 2016

القانون الجنائي الخاص : المؤامرة

عرف المشرع المغربي المؤامرة في المادة 175 من القانون الجنائي بانها : التصميم على العمل متى كان متفقا عليه  و مقررا بين شخصين او اكثر. و لقد اقتبس المشرع المغربي هذا التعريف من القانون الفرنسي الذي عرفها من خلال المادة 87 من القانون الجنائي الفرنسي.
المؤامرة في القانون المغربي



  يتضح من خلال هذا التعريف ان تحقيق جريمة المؤامرة يتطلب وجود اتفاق مصمم علي تنفيذه بين شخصين او اكثر لانه من المعلوم ان القانون الجنائي لا يعاقب على الافكار والمعتقدات مهما بلغت خطورتها مادامت لم تخرج الى العالم الخارجي لكن الاتفاق الجنائي يعني ان الامر تجاوز مرحله التفكير بوجود تعبير صريح عن قصد اجرامي ووضع تصميم على انجازه.

 اركان جريمة المؤامرة
 الركن المادي
 من خلال نص المادة 175 من القانون الجنائي نجد ان المؤامرة تتطلب وجود اتفاق بين شخصين او اكثر وتصميم على التنفيذ ومن خلال المادة 176 يتضح ان مجرد الدعوة او العرض كافي لقيام  التامر  ولو لم تقبل هذه الدعوة من طرف من وجهت اليه اما اذا قبلت الدعوة  فانها تصبح اتفاقا.
ولا نكون بصدد مؤامرة ولا يعاقب الشخص الذي يفكر في تغيير النظام او صرح بما في صدره الى شخص اخر دون ان تكون لديه نية دعوته الى ذلك  و علم جهاز الامن بذلك بطريقة ما لان شرط الاتفاق لم يتحقق. اضافتا الى ما سبق يبقى سؤولا من ارتكبها ويكون العقاب سواء اكان الاتفاق على التنفيذ فوريا او معلقا على شرط  او مرتبطا بوقت معين.
 ولم يحدد المشرع المغربي وسائل تنفيذ المؤامرة ولا الشكل الذي يتم فيه الاتفاق المكون لجريمة المؤامرة فقد يكون شفويا كما قد يكون مكتوبا او مسجلا في شريط وسواء تم بطريقة مباشرة او عن طريق المراسلة المهم ان يتم اثباته امام المحكمة ويتمكن القاضي من الاقتناع بوجوده.

الركن المعنوي
 ينقسم القصد الجنائي الى عام وخاص ويعتبر القصد عاما اذا ما اتجهت ارادة الجاني مقترنة بعمله الى اثبات الواقعة المنصوص عليها في القاعدة التجريمية  بعنصريها السلوك والنتيجةويعتبر خاصا اذا كان الجاني مدفوعا الى اقترافها بباعث او كانت تحدوه غايه محددة.
 وينقسم الراي في المغرب الى من يطالب بضرورة وجود القصد الخاص في جريمة المؤامرة و بين من اكتفى بالقصب العام في ارتكابها و ذهب اصحاب الاتجاه الاول الى ان القصد الخاص هو الغرض الذي يرمي الفاعل الى تحقيق من جريمة فمثلا يجب ان يعلم الجاني انه يصد قلب الحكومة او تغيير النظام و على النيابة العامة اثبات ذلك عليه .اما الدكتور الخمليشي شرح معنى القصد الخاص انه جريمة المؤامرة ان تكون لدى اعضائها عند تقرير الاتفاق نية اجرامية و قصد الى ارتكاب جريمة معينة من الجرائم التي سمى القانون الاتفاق عليها مؤامرةولا يكفي ان يكون موضوع الاتفاق ارتكاب جريمة كيفما كان نوعها  و لو تبثت النية الاجرامية لتنفيذ الجريمة.
 والاتجاه الثاني ياتي منتقدا للاول على اعتبار كل ما تحدث عنه اصحاب الاتجاه الاول ماهو الا القصد العام للجريمة.
و في تقرير اخر تتطلب جريمة المؤامرة قصدا جنائيا خاصا بمعنى ان يكون الجاني عند الاتفاق مدفوعا الى اقترافها بباعث او كانت تحدوه غاية محددة في اتيان احد الافعال التي تسبق المشرع المغربي الاتفاق على ان ارتكابها مؤامرة و هي:
-  المؤامرة ضد حياة الملك او شخصه المؤامرة ضد حياة ولي العهد او شخصه المادة 172 و 173 من القانون الجنائي.
- المؤامرة الهادفة الى القضاء على النظام واقامة نظام اخر مكانه او تغيير ترتيب ورثة العرش المادة 174 من القانون الجنائي.
- المؤامرة التي يكون الغرض منها اثارة حرب اهلية بتسليح فريق من السكان او دفعهم الى التسلح ضد فريق اخر المادة 201 من القانون الجنائي.
- المؤامرة  التي يكون الغرض منها دفع الناس الى حمل السلاح ضد سلطة الملك المادة 174 من القانون الجنائي.
- المؤامرة التي تهدف الى احداث التخريب والتقتيل والنهب في دوار او منطقة اواكثر المادة 201 من القانون الجنائي.
 وبما ان تجريم مجرد الاتفاق هو استثناء و ليس قاعد في القانون الجنائي المغربي فانه يجب ان يحاط بضمانات تكفل العدالة الجنائية ومن بينها وجوب الا يحكم القاضي بوجود مؤامرة الا بعد ان يتاكد بطريقه لا تدع مجالا للشك ان الجاني كانت تحدوه غاية عند الاتفاق الى ارتكاب الجريمة التي يعتبرها المشرع مؤامرة.

العقوبات المقررة لجريمة المؤامرة
 اعتبرها المشرع المغربي جناية ويختلف العقاب عليها باختلاف الهدف الذي يتوخاه الجناة من ارتكابها واذا كانت الافعال المكونة لهذه الجريمة متضمنة ظرف التشديد اولا ويتحقق ظرف التشديد اذا تبع التامر القيام بعمل او بدء فيه من اجل اعداد تنفيذ الجريمة اي الاعمال التحضيرية. وهذا نقلا عن المشرع الفرنسي الذي يسمي الشكل الاول لها بالمؤامرة المشددة عقوبتها السجن من 10 الى 20 سنة  و يسمي الثانية بالمؤامرة البسيطة عقوبها السجن من 5 الى 10 سنوات.
 وفي القانون المغربي تكون عقوبة جريمة التامر ضد حياة الملك او شخصه هي السجن المؤبد اذا اتبع التامر القيام بالاعمال التحضيرية و الا فتكون العقوبة هي السجن من 5 الى 20 سنة حسب المادة 172 وهي نفس العقوبة المطبقة في حالة التامر على حياة ولي العهدوهذا التمييز بين تشديد العقوبة وتخفيفها راجع الى ان التامر على حياة الملك يقصد منها القضاء علي حياته  في المؤامرة الاولى اما في المؤامرة الثانية فيكون القصد منها اختطافه او ماشابه ذلك. واذا كان القصد من المؤامرة هو تحقيق احدى الغايات المنصوص عليها في المادة 169 فان العقوبة تكون هي السجن من 10 الى 30 سنة اذا اتبعت المؤامرة القيام باعمل تحضيرية من اجل الاعداد لتنفيذ. وتخفيف العقوبة في حالة عدم وجود اعمال تحضيرية حيث تصبح  من 5 الى 10 سنوات.

احكام عامة
 تمكن دراسة شروط جريمة المؤامرة وطبيعتها من استخلاص بعض الاحكام العامة المتعلقة بها واهمها:
1-     تعتبر الجريمة مستمرة اذا كان ركنها المادي قابل حسب طبيعتها للتجديد بارادة الجاني وتتحقق جريمة المؤامرة باتفاق بين شخصين او اكثر وتصميم على ارتكاب احدى الجرائم التي سماها المشرع مامرة.
2-     تتحقق بمجرد الاتفاق والعدول الارادي عن تنفيذها يعد من الناحية القانونية ندما او توبة لا يؤثران في المسؤولية الجنائية ذلك ان العدول الارادي الذي تصبح معه المسؤولية منعدمة هو الذى يكون اثناء ارتكاب الجريمة لا بعد الانتهاء من تنفيذها اما قبل الاتفاق فلا يمكننا الحديث عن مؤامرة لانه ليس لها وجود من الناحية القانونية.
3-     يعتبر التحريض وفق القانون الجنائي صورة من صور الاشتراك في الجريمة المنصوص عليها في الفصل الثاني من المادة 129 من القانون الجنائي و يتفق التحريض عن ارتكاب الجريمة بطريقتين : اذا كان من المصممين على ارتكاب الجريمة و حرض الغير على الانضمام اليه وقبل الغير دعوته و تحققت المؤامرة هنا يصبح المحرض مساهما في جريمة المؤامرة اما اذا لم يقبل الغير دعوته الى الانضمام اليه فانه يكون قد ارتكب جريمة اخرى وهي الدعوة الى التامر.
اما اذا كان من غير المصممين على اكتاب جريمة المؤامرة و اقتصر دوره على حت الغير على ارتكابها فاذا تحققت الجريمة بناء على تحريضه اعتبر المحرض شريكا طبقا للفقرة الاولى من المادة 129. اما اذا لم يحقق الغير رغبته لا يعاقب المحض بوضعه شريكا لانه طبقا للقانون الجنائي لا يعاقب المشارك الا اذا نفذ الفاعل الاصلي الجريمة او حاول القيام بها.

4-      لا يتصور وجود محاولة في جريمة المؤامرة ذلك ان المحاولة كما عرفتها المادة 114 هي البدء في التنفيذ او القيام باعمال لا لبس فيها تهدف الى ارتكاب جريمة بينما تتحقق المؤامرة بمجرد وجود اتفاق شخصين او اكثر وايضا تصميم على تنفيذ احدى الجرائم التي اعتبر المشرع ارتكابها مؤامرة فليس فيها عمل مادي خارجي.
جميع الحقوق محفوظة ل الناجمويب: دروس و محاضرات قانونية