1-
تعريف عقد البيع.
عرف المشرع المغربي عقد البيع في
الفصل 478 ق ل ع بأنه: "عقد بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين للآخر ملكية شيء أو
حق في مقابل ثمن يلتزم هذا الأخير بدفعه له".
من خلال هذا التعريف يتبين لنا أن
المشرع المغربي يشير إلى أهم خاصية لهذا العقد والمتمثلة في التزام البائع بنقل
ملكية المبيع إلى المشتري، وذلك خلافا للمشرع الفرنسي الذي لم يشر في تعريفه لعقد
البيع في الفصل 1582 من قانونه المدني إلى هذه الخاصية.
كما أن الصياغة التي جاء بها المشرع
المغربي تشمل بالإضافة إلى نقل ملكية الأشياء، نقل الحقوق المالية الأخرى سواء
كانت حقوقا مادية أو حقوقا معنوية ناشئة عن استعمال المجالات الأدبية أو الفنية.
ورغم ذلك فإن هذا التعريف يحتوي على
بعض العيوب حددها الفقهاء فيما يلي:
- إغفاله التنصيص على وجوب كون الثمن نقدي تمييزا للبيع عن المقايضة.
- إشارته لكلمة حق "دون تخصيص، إلى جانب عبارة ملكية
الشيء" وهي أيضا حق، فكان من الأولى اعتماد عبارة حق آخر تجنبا لكل تكرار،
وحتى يكون منطوق الفصل 478 ق ل ع منسجما مع متطلبات الصياغة القانونية السليمة.
ليبقى التعريف الذي جاء به المشرع
المصري في المادة 418 من قانونه المدني أكثر دقة وشمولية، حيث عرفه كما يلي:
"عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حق مالي آخر في مقابل ثمن
نقدي".
وتتجلى هذه الدقة في أمرين اثنين:
الأول: أن البيع قد يرد على الأشياء
وعلى الحقوق الأخرى المترتبة على الأموال.
الثاني: التزام البائع بنقل ملكية
المبيع إلى المشتري مقابل ثمن نقدي.
2-
الخصائص المميزة لعقد البيع.
يتميز عقد البيع بمجموعة من الخصائص
أهمها كونه عقدا ناقلا للملكية ينتمي لصنف العقود الملزمة للجانبين، وباعتباره من
عقود المعاوضات، فهو ينبني على الرضائية في انعقاده كمبدأ عام.
أولا: البيع عقد ناقل للملكية.
نقل الملكية من البائع إلى المشتري
يعد من أهم الخصائص المميزة لعقد البيع، حتى أن هناك من يسميه بالعقد الناقل
للملكية. وإذا كانت هذه الخاصية محل إجماع فقهي وتشريعي في الوقت الحاضر، فإن
الأمر لم يكن كذلك في التشريعات القديمة كالقانون الروماني والقانون الفرنسي
القديم حيث لم يكن البيع ناقلا للملكية ولا منشأ للالتزام بنقلها. كل ما كان من
أثر البيع اتجاه البائع هو أن يرتب في ذمة هذا الأخير التزاما بتمكين المشتري من
وضع يده على المبيع دون مانع، أما نقل الملكية إلى المشتري فكان يتم نتيجة إتباع
إجراءات شكلية معينة مستقلة عن عقد البيع هي الإشهاد أو التنازل القضائي أو
التسليم.
وعند صدور مدونة نابليون سنة 1804م
أول ما تم إصلاحه هو جعل عقد البيع ينقل الملكية مباشرة من البائع إلى المشتري دون
حاجة للتقيد بأي إجراء شكلي ما عدا في الحالات الاستثنائية التي يتطلب فيها سلوك
إشهار أو كتابة رسمية من نوع خاص.
وقد سار ق ل ع المغربي على نفس النهج
معتبرا أن عقد البيع يكفي لوحده لنقل ملكية المبيع من البائع إلى المشتري، وهذا ما
يستخلص بوضوح من الفصل 491 ق ل ع الذي ينص على أن المشتري يكتسب بقوة القانون
ملكية الشيء المبيع بمجرد تمام العقد بتراضي طرفيه.
ثانيا: البيع عقد ملزم لجانبين.
يدخل عقد البيع ضمن دائرة العقود
الملزمة للجانبين. فهو ينشئ التزامات متقابلة في ذمة كل من البائع والمشتري، فيصبح
كل منهما دائنا ومدينا اتجاه الآخر.
وهكذا يلتزم البائع بنقل ملكية
المبيع وتسليمه للمشتري، في مقابل التزام هذا الأخير بتسليم المبيع ودفع ثمنه نقدا.
ويترتب عن وجود مثل هذه الالتزامات
المتبادلة بين البائع والمشتري عدة نتائج نذكر منها:
- أنه إذا وقع
التزام أحد الطرفين باطلا لأي سبب كان بطل التزام الطرف الآخر. وإذا انقضى التزام
أحدهما لاستحالة الوفاء انفسخ العقد وانقضى التزام الطرف الأخر.
- إذا لم ينفذ
أحد الطرفين التزاماته فإنه يجوز للطرف الآخر أن يطالبه ولو قضاءا بالتنفيذ العيني أو بفسخ العقد مع حقه في الحصول على التعويض.
ثالثا: البيع عقد رضائي.
ينص الفصل 488 ق ل ع على أنه:
"يكون البيع تاما بمجرد تراضي عاقديه أحدهما بالبيع والآخر بالشراء،
وباتفاقهما على المبيع والثمن وشروط العقد الأخرى".
ومن خلال هذا الفصل يتبين لنا أن عقد
البيع كمبدأ عام لا يحتاج لأي إجراء شكلي لانعقاده، بل يكفي فيه حصول التراضي بين
البائع والمشتري على المبيع والثمن.
لكن رضائية البيع ليست من النظام
العام. فقد يتفق الطرفين على أن البيع لا
ينعقد إلا إذا تم في شكل يتفقان عليه كتدوينه في ورقة رسمية أو عرفية.. وفي هذه
الحالة لا يكون العقد رضائيا، أي لا يكفي لانعقاده مجرد رضا الطرفين، ولا ينعقد
إلا باستيفاء الشكل المتفق عليه.
كما أن الرضائية لا تكفي بالنسبة
لبعض الأنواع من العقود كالبيع الوارد على العقار أو الحقوق العينية العقارية، أو
الأشياء التي تكون موضوعا للرهن الرسمي، حيث أوجب المشرع تدوين هذه العقود كتابة
في محرر ثابت التاريخ، ولا يكون لهذا الغير أثر في مواجهة لغير إلا إذا سجل في
الشكل المحدد بمقتضى القانون (الفصل 489 ق ل ع).
رابعا: البيع عقد معاوضة.
يعتبر عقد البيع من عقود المعاوضات،
ذلك أن كلا من طرفيه يأخذ مقابلا لما يعطيه. المشتري يحصل على ملكية المبيع،
والبائع يحصل على الثمن الذي يلتزم أن يكون نقدا.
لذلك يعتبر عقد البيع من قبيل
التصرفات القانونية الدائرة بين النفع والضرر يحتاج طرفيه إلى التوفر على أهلية
التصرف.
3-
تمييز عقد البيع عن غيره من العقود المشابهة.
اولا: التمييز بين عقد البيع وبعض
التصرفات القانونية الناقلة للملكية.
أ-
البيـــع والهبــة.
الهبة عقد تمليك في الحال بغير عوض،
فهي من عقود التبرعات التي يتجرد فيها الواهب من ملكه دون مقابل.
وهي تقترب من البيع في أنها من
العقود الناقلة للملكية، لكن الفرق بينهما يبقى في أن الهبة تكون بغير عوض، أما
البيع فيكون بمقابل نقدي. وبرغم من ذلك فقد يقع التباس بين العقدين كما هو الحال
في الهبة مع وجود عوض أو تكليف يقع على عاتق الموهوب له.
الأمر الذي يطرح بعض التساؤلات بخصوص
الطبيعة القانونية لهذا التصرف، هل هو عقد بيع أم هبة، خصوصا في الحالات التي تكون
فيها قيمة العوض موازية أو تفوق قيمة الشيء الموهوب؟
إن الاتجاه الغالب في الفقه يذهب إلى
اعتماد نية التبرع كمعيار للفصل بين البيع والهبة.
فإذا كانت هذه النية موجودة في جانب
العاقد الذي أعطى الشيء كان العقد هبة مهما بلغ مقدار العوض، وإلا فالعقد بيعا.
ب-
البيـــع والمقايضة.
عرف المشرع المغربي المقايضة في
الفصل 619 ق ل ع بأنها: " عقد بمقتضاه يعطي كل من المتعاقدين للآخر على سبيل
الملكية شيئا منقولا أو عقاريا أو حقا معنويا في مقابل شيء أو حق آخر من نفس نوعه
أو من نوع آخر".
فبالرغم من أن المقايضة من العقود
الناقلة للملكية شأنها شأن عقد البيع، إلا أن الفرق بين العقدين يبقى قائما
وكبيرا. ففي البيع تتم مبادلة شيء أو حق بثمن نقدي، في حين أن عقد المقايضة يقوم
على أساس مبادلة مال بمال لا يكون أي منهما مبلغا من النقود.
وبالرغم من هذا الفارق فقد يحدث
التباس بين العقدين في بعض الحالات العملية نذكر منها:
- الحالة التي تتم فيها المقايضة
مع زيادة مبلغ نقدي للطرف الذي حصل التبادل معه. ويحدث ذلك عادة عندما يكون موضوع
المقايضة شيآن وحقان غير متعادلين من حيث القيمة، فيتعهد أحد المتعاقدين بإضافة
مبلغ نقدي للطرف الأخر حتى تكون المعاوضة عادلة.
وقد أشار المشرع المغربي لهذه الحالة
في الفصل 621 ق ل ع الذي ينص على أنه: "إذا كان أحد العوضين محل المعاملة
أكثر من الأخر قيمة صاغ تعويض الفرق بنقود او بغيرها من الاشياء معجلا او
مؤجلا ولا يسري هذا الحكم بين المُسلّميْن
إذا كان محل المعاملة طعاما". غير أن السؤال الذي يطرح بخصوص هذه المعاملة هو
في مدى اعتبار هذا الفارق ......... في المقايضة بمثابة الثمن في عقد البيع أم لا؟.
لقد اعتمد الفقه في الجواب على هذا
السؤال قاعدة تبعية الفرع للأصل التي تقضي بتبعية الفروع للأصول في الأحكام،
وتطبيقا لهذه القاعدة إذا كان الفارق النقدي أقل من البدل الأساسي فإن العقد
معاوضة أو مقايضة، أما إذا كان هذا الفارق يفوق البدل فالعقد بيعا.
- حالة الاتفاق الذي بمقتضاه تتم مبادلة شيء أو حق
آخر بمقابل يمكن تحويله بسهولة إلى مثل الأوراق المالية والسبائك الذهبية. فهل
يكيف هذا الاتفاق مقايضة أو بيعا؟
يرى الرأي الغالب في الفقه بأن الأمر
يتعلق بعقد مقايضة احتراما لإرادة الطرفين التي قصدت أن يكون البدل أوراقا مالية
أو سبائك ذهبية عند إبرام العقد دون أن تقصد قيمتها النقدية.
ج- البيـــع والوصيـة.
الوصية تصرف من جانب واحد يصدر من
الموصي فيؤدي إلى نقل الحق إلى الموصى له. لكن هذا
النقل مؤجل إلى ما بعد وفاة الموصي مصرا على وصيته.
ورغم هذا الفارق بين الوصية
والبيع الذي ينتج أثره فور انعقاده، فإنه كثيرا ما اتخذ البيع كستار يخفي وصية.
حيث يلجأ كثير من الأشخاص إلى إبرام تبرعات في صورة بيوع. ومن هذا ما يستنتجه
القضاء من أن العقد وصية وليس بيعا في حالة احتفاظ البائع لنفسه بحق الانتفاع
بالمبيع إلى حين وفاته، أو منع المشتري من التصرف في المبيع طول حياة البائع، أو
اشترط عودة الملكية إلى البائع، أو اشترط عودة الملكية إلى البائع إذا توفي
المشتري قبله.
ولمعرفة حقيقة التصرف بيعا كان أو
وصية أهمية عملية كبيرة. فإذا كان التصرف في حقيقته وصية فلا ينفذ في حق الورثة
إلا في حدود ثلث التركة، إلا إذا أجاز الورثة ما فوق ذلك. وإذا كان بيعا فإنه ينفذ
في حق الورثة مهما كانت قيمته.
ثانيا: التمييز بين عقد البيع وبعض
التصرفات القانونية غير الناقلة للملكية.
أ-
البيـــع والكراء.
عرف ق ل ع المغربي الكراء في الفصل
627 بأنه: "عقد بمقتضاه يمنح أحد طرفيه للآخر منفعة منقول أو عقار خلال مدة
معينة في مقابل أجرة محددة يلتزم الطرف الآخر بدفعها له".
بعد قراءة هذا التعريف يبدو أنه لا
مجال للخلط بين عقدي البيع والكراء، فالأول ناقل للملكية أو لأي من الحقوق المالية
الأخرى، في حين يترتب عن الإيجار التزام المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين
المؤجرة مدة زمنية معينة، كما أن البيع من العقود الفورية يلتزم المشتري بدفع كامل
الثمن بمجرد تمام البيع، أما الإيجار فهو من العقود الزمنية.
ورغم هذه الفروق الجوهرية فإن
الممارسة العملية أفرزت أنواعا جديدة من العقود تدق فيها التفرقة بين عقدي البيع
والإيجار و لتوضيح ذلك نتطرق إلى ما يعرف بالبيع الإيجازي.
فالبيع الايجاري أو الإيجار السائر
للبيع أو البيع المملك، ويسميه المشرع المغربي في مدونة التجارة بالتمويل بالكراء.
ويقصد به الاتفاق الذي بمقتضاه يؤجر المأجور شيئا ما للمستأجر مقابل أجرة تدفع في
مواقيت حلولها، ويتفق على أنه إذا دفع المستأجر عدد من الدفعات فإنه يتملك الشيء
المؤجر، ويتحول العقد إلى بيع، واعتبرت الأجرة أقساطا للثمن.
ويلاحظ أن هذا النوع من البيوع الذي
يجمع بين عقدين في عقد واحد غالبا ما يطرح أكثر من علامة استفهام بخصوص تكييفه
وتفسير مضمونه.
فبالرغم من ستار الإيجار الذي يغطي
جوهر البيع الحقيقي في البيع الايجاري، فإن أحكام عقد البيع هي التي تسري على هذا
التصرف ما دامت العملية في مجملها لا تفترق كثيرا عن البيع بالتقسيط التي تتم فيه
تجزئة الثمن على أقساط متفق عليها بين المتعاقدين.
كل ما هنالك أن هذه الأجزاء من الثمن
تدفع في شكل أقساط إيجارية تشكل في مجموعها الثمن الإجمالي للبيع.
وقد اختلف الفقه في تحديد طبيعة هذا
النوع من العقود، فهناك من اعتبر أن العملية في أصلها تبدأ بالكراء وقد تنتهي
بالبيع إذا اختار المكتري إتمام العملية بالبيع استنادا إلى شرط الوعد بالبيع الذي
ينطوي عليه البيع الإيجاري.
في حين لم يتردد البعض الآخر في وصف
هذه العملية بالبيع، لأنه لا يرى فيها سوى صورة من صور البيع بالتقسيط الذي تتم
فيه تجزئة الثمن على أقساط متفق عليها بين المتعاقدين.
وسواء أكان هذا العقد صورة من صور
البيع بالتقسيط الذي تتم فيه تجزئة الثمن، أو كان نوعا من الوعد بالبيع الذي يرتبط
بالإيجار، فإن الأحكام الواجبة التطبيق هي أحكام البيع وليس الإيجار بالرغم من
التشويش الذي يشكله هذا العقد على مؤسسة قانونية مستقلة كالبيع.
ب-
البيـــع والوكالة.
عرف الفصل 879 من ق ل ع الوكالة
بأنها: "عقد بمقتضاه يكلف شخص شخصا آخر بإجراء عمل مشروع لحسابه ...".
إذن يبدو من الصعب الخلط بين عقدي البيع والوكالة، فالبيع من العقود الناقلة
للملكية، أما الوكالة فهي الصورة الاتفاقية للنيابة في إبرام التصرفات القانونية.
لكن بالرغم من هذا الاختلاف الجوهري بين العقدين فقد يكون من الصعب التمييز بينهما
في بعض الحالات العملية.
ويعتبر الإيداع على سبيل البيع (dépôt-vente) من أهم الحالات
التي تدق فيها التفرقة بين عقدي البيع والوكالة.
فالشخص عندما يودع أشياء معينة عند
شخص آخر ليتصرف فيها بالبيع، فإن وضعية هذا الوسيط ستختلف باختلاف نوعية الاتفاق
الذي حصل بين الطرفين. فهو قد يكون بمثابة وكيل من مالك البضاعة إذا تعهد ببيعها
لحساب صاحبها. وقد يكون بمثابة بائع في الأحوال التي يتسلم فيها البضاعة من المورد
قصد بيعها بشرط إعادة ما بقي منها بدون بيع لصاحبها.
ج- البيـــع و المقاولة.
عرف المشرع المغربي عقد
المقاولة في الفقرة 2 من الفصل 729 ق ل ع بأنه: "عقد بمقتضاه يلتزم أحد طرفيه
بصنع شيء معين في مقابل أجر يلتزم الطرف الآخر بدفعه له".
ورغم الاختلاف الواضح بين عقد البيع
وعقد إجارة الصنعة، باعتبار الأول ناقل للملكية أما الثاني ينصب على عمل المقاول
الذي يقوم بصنع شيء معين مقابل أجرة يحصل عليها. إلا أنه في بعض الحالات تتداخل
عناصر العقدين معا، مما يفرض ضرورة تحديد الطبيعة القانونية لمثل هذه المعاملات.
ونتلمس هذا في التدخل في الحالة التي
يقدم فيها المقاول لرب العمل والمواد اللازمة لإنجازه. مما يدفع إلى التساؤل حول
مصير هذه المواد. هل تعتبر بيعا، أم تسري عليها أحكام المقاولة التي تعتبر الإطار
العام الذي يتحكم طبيعة العلاقة بين المقاول ورب العمل؟
لقد توصل الفقه إلى خلق معيار
اقتصادي يعتمد على الموازنة بين قيمة العمل وقيمة المواد التي قدمهما المقاول
وساهم بهما في إنجاز المشروع، فإذا كانت قيمة المواد المقدمة لإنجازه المشروع
فالعقد بيعا، أما إذا كانت قيمة العمل أكثر فالعقد مقاولة.
وبالإضافة إلى هذا المعيار الاقتصادي
ثم اللجوء إلى قاعدة تبعية الفرع للأصل للحسم في مثل هذه الحالات. وذلك عندما
تتساوى قيمة العمل مع قيمة المواد المقدمة لإنجازه. حيث يصعب ترجيح إحدى العقدين
على الآخر.
وباعتبار أن الأرض دائما هي الأصل
فإن المواد المقدمة حتى ولو كانت قيمتها تفوق قيمة العمل فإن العقد يعتبر مقاولة
وليس بيعا.
وأمام صعوبة هذه التكييفات يتعين عدم
إغفال إرادة الأطراف المتعاقدة التي يبقى لها كامل الصلاحية في تحديد القواعد
الواجبة التطبيق مادام تعاملهم لا يخرج عن نطاق القانون والنظام العام.
د- البيـــع والوديعـة.
الوديعة وفقا للفصل 781 ق ل ع
هي:"عقد بمقتضاه يسلم شخص شيئا منقولا إلى شخص آخر يلتزم بحفظه وبرده بعينه".
فالوديعة تتم دون أن يتحقق نقل
لملكية الشيء المودع لديه بخلاف البيع.
وفي هذه النقطة تختلف الوديعة عن
البيع، فالبيع يترتب عليه نقل الملكية من البائع إلى المشتري، في حين أن الوديعة
لا تنقل إلى المودع لديه سوى الحيازة المادية للشيء.
ورغم هذا الفارق فقد يحدث التباس بين
العقدين كما هو الحال عندما يودع المؤلف عددا من الكتب لدى إحدى المكتبات لكي
تتولى بيعها بثمن محدد تأخذ منه نصيبا....... . فهذا العقد يشبه الوديعة في أنه يتضمن
إيداع الكتب على ذمة المؤلف. لكنه يختلف عنها في أن الوديع يرد الشيء عينه، أما
المكتبة فترد النسخ أو ثمنها بعد استنزال نصيبها من ذلك الثمن.
ويذهب الرأي الراجح في الفقه إلى أن
العقد في هذه الحالة لا يعتبر وديعة، لأن المودع لديه (الوديع) لا يلتزم برد الشيء
ذاته، ولكنه يعتبر بيعا تحت شرط فاسخ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق