الثلاثاء، 5 يناير 2016

حماية الام الاجيرة في ظل مدونة الشغل

حماية الام الاجيرةإن من أبسط مظاهر حماية الأمومة، أن تمنح الأجيرة الحامل إجازة وضع في الأسابيع الأخيرة من مدة الحمل، وخلال الأسابيع التي تليه مباشرة، لأن الشغل خلال هذه المدة، غير ملائم لصحة المرأة، وقد يؤدي إلى مرضها أو وفاتها.
من هذا المنطلق، أعطى المشرع المغربي المرأة الأجيرة أثناء فترة الأمومة، الحق في إجازة الوضع (المطلب الأول)، كما منحها الحق في إرضاع طفلها خلال فترات حددها المشرع سلفا، دون أن يتجاهل الحق في تربيته (المطلب الثاني).




المطلب الأول: الحق في إجازة الوضع
إن إجازة الوضع، يمكن أن تكون إجازة عادية لا تتجاوز مدتها أربعة عشر أسبوعا (الفقرة الأولى)، ويمكن أن تفوق هذه المدة في أحوال استثنائية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: إجازة الوضع العادية
وبدوره سلك المشرع المغربي، نهج التشريعات التي تميز في إجازة الوضع بين الفترة التي تسبق الوضع، وتلك التي تليه:
تنص المادة 152 من مدونة الشغل على ما يلي:
"
تتمتع الأجيرة التي ثبت حملها بشهادة طبية، بإجازة ولادة مدتها أربعة عشر أسبوعا، ما لم تكن هناك مقتضيات أفيد في عقد الشغل، أو اتفاقية الشغل الجماعية، أو النظام الداخلي".
وكذلك المادة 153 من مدونة الشغل التي جاء فيها:
"
لا يمكن تشغيل الأجيرات النوافس أثناء فترة الأسابيع السبعة المتصلة التي تلي الوضع..".
من خلال المادتين 152 و153 من م.ش، يتضح أن المشرع المغربي، قد وزع إجازة الوضع بين مستويين:
*
المستوى الأول: جعل المشرع المغربي السبعة أسابيع الأولى التي تسبق الوضع، إجازة اختيارية للأجيرة الحامل، ليس للمشغل أن يرفض منحها إياها إذا طلبتها، كما أنه ليس له أن يجبرها عليها إذا لم تطلبها، مفضلة المضي في الحمل إلى حين الوضع.
*
المستوى الثاني: يمنع على الأجيرة بعد الوضع منعا مطلقا، الالتحاق بالشغل، إذن فالإجازة التي تلي الوضع تعد إجبارية، ليس للأجيرة النفساء فحسب، وإنما حتى بالنسبة لمشغلها الذي يمنع عليه تشغيلها خلال هذه الفترة، التي تعتبر في نظر المشرع أدنى مدة معقولة للراحة من الوضع ورعاية المولود في مستهل حياته.

وإذا كان بإمكان الأجيرة الاستفادة من إجازة وضع دون قيد أو شرط، فإن توقف عقد شغلها رهين بإثبات الحمل، بواسطة شهادة طبية، يكون على الأجيرة عب إثباتها وإيصال العلم بها إلى المشغل وفق القواعد العامة المعمول بها، أي يدا بيد، أو بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، أو بأية وسيلة أخرى يسمح بها القانون في مجال الإثبات.
هذا فيما يتعلق بإجازة الوضع العادية، حيث تكون الأحوال الصحية للأجيرة عادية وطبيعية، لكن قد يحدث أن تسوء هذه الأحوال، كما قد تنتج بعض الأمراض الناجمة عن الحمل أو النفاس، مما يستوجب تمديد مدة هذه الإجازة حفاظا على صحة الأم والوليد.
الفقرة الثانية: إجازة الوضع الاستثنائية
بتفحص المواد 154، 155 و156 من م.ش، يتضح أن للمرأة الأجيرة الحق في تمديد فترة توقف عقد الشغل بسبب الحمل أو الوضع في ثلاث حالات:
ـ الحالة الأولى: تنص الفقرة الثالثة من المادة 154 من م.ش على ما يلي:
"...
إذا وضعت الأجيرة حملها قبل تاريخه المتوقع، أمكن لها تمديد فترة توقف عقد الشغل إلى أن تستكمل الأربعة عشر أسبوعا التي تستغرقها مدة التوقيف المستحقة لها".
وعلى العموم، فإن وضع الأجيرة لحملها قبل تاريخه المتوقع، يوجب عليها أن توجه إلى المشغل رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل ل، تبرز فيها سبب غيابها، والتاريخ التي تنوي فيه استئناف الشغل من جديد، وفي ذلك فائدة للمشغل الذي بإمكانه أن يشغل مكانها أجيرة أخرى في إطار العقد المحدد المدة، إذا رغب في ذلك.
ـ الحالة الثانية: وهي الخاصة بالحالة المرضية التي يمكن أن تصب الحامل أو النفساء التي تخول لها إطالة فترة توقف العقد، وذلك بالزيادة في فترة إجازة الوضع مدة استمرار تلك الحالة المرضية، على أن لا تتعدى فترة التوقيف 8 أسابع قبل تاريخ توقع الوضع و14 أسبوعا بعده، أي أن مدة إجازة الوضع في هذه الحالة قد تصل إلى 22 أسبوعا كحد أقصى.
ـ الحالة الثالثة: للأم الأجيرة إمكانية الاستفادة من عطلة استثنائية بسبب الولادة، وهي لا ترتبط بنشوء حالة مرضية ناتجة عن الحمل أو النفاس، ولكن رغبة في تربية المولود الجديد وذلك في حدود 90 يوما، أو تجاوزها إلى فترة السنة.
بالنسبة للإمكانية الأولى، تستفيد الأم الأجيرة من توقف عقد شغلها لفترة لا تتجاوز 90 يوما، تضاف إلى إجازة الولادة المسموح بها قانونا، ولا يشترط في ذلك، إلا إشعار المشغل في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من انتهاء إجازة الأمومة، وبالطبع، فإن الأجيرة في هذه الحالة، لا تتقاضى أي أجر أو تعويض، إلا إذا كانت هناك استثناءات من منطلق الاتفاقية الجماعية أو النظام الداخلي أو العقد الفردي.
أما الإمكانية الثانية، فهي تخول للأم الأجيرة الاستفادة من عطلة غير مدفوعة الأجر لمدة سنة، شريطة الاتفاق مع المشغل، أي أن الاستفادة من العطلة الاستثنائية بسبب الولادة من أجل تربية المولود، ليست بيد الأم الأجيرة إلا في حدود 90 يوما، أما تجاوزها إلى فترة السنة، فالأمر مرتبط بموافقة المشغل.
وفي الحالتين معا، بعد انتهاء فترة التوقيف واستئناف الأجيرة لشغلها، فإنها تستفيد من جميع الفوائد التي اكتسبتها قبل توقف عقدها، أي أنها تستمر في الاستفادة من جميع الفوائد المادية والعينية، ولا يمكن حذف الامتيازات المخولة لها نتيجة توقف عقد الشغل من منطلق الحالتين المشار إليهما أعلاه.
كما ان المشرع المغربي اعتبر كل اتفاق ينافي المقتضيات الخاصة بإجازة الوضع اتفاقا باطلا، وتبعا لذلك، فإن المرأة الأجيرة لا يمكنها أن تتنازل عن حق الإجازة في الولادة، و المشرع اكتفى في حالة الإخلال بإلزامية إجازة الوضع بغرامة مالية تتراوح قيمتها ما بين 10.000 درهم الى 20.000 درهم.
المطلب الثاني: حق الأجيرة في إرضاع المولود وتربيته
منح المشرع المغربي ـ على غرار التشريعات المقارنة ـ الأم الأجيرة حق إرضاع المولود (الفقرة الأولى) وتربيته (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: حق الرضاعة
من الآثار الطبيعية للولادة، أن ترضع الأم وليدها، باعتبار الرضاعة من الأساسيات التي يحتاج إليها المولود الجديد لبقائه حيا، وتمتعه بصحة جيدة واكتمال نموه بصورة طبيعية، الشيء الذي يقتضي ضرورة عدم حرمانه من هذه الحاجة الضرورية له طوال ساعات الشغل التي تقضيها الأم الأجيرة في عملها اليومي.
من هذا المنطلق، ومراعاة منه لهذه الوضعية، حرص المشرع المغربي على تنظيم حق الأم الأجيرة في إرضاع وليدها بمقتضى المادتين 161 و162 من م.ش، تناول فيهما مدة الاستراحة الخاصة بالرضاعة وتاريخ احتسابها، والأجر المخصص لها.
وبالرجوع إلى مقتضيات مدونة الشغل بهذا الخصوص، منحت الأم الأجيرة الحق في التوقف عن الشغل لمدة نصف ساعة في صباحا، ونصف ساعة في مساء لإرضاع طفلها، غير أن هذه القاعدة ليست من النظام العام، بمعنى يمكن مخالفتها باتفاق الطرفين، وعادة ما يتم ذلك عمليا، بمنح الأم الأجيرة ساعة كاملة إما صباحا أو بعد الظهر، ولقد تم التأكيد على أن هذه الساعة مستقلة عن فترات الراحة المعمول بها في المقاولة، لأن هذه الأخيرة قد تعتمد التوقيت المستمر لتمنح أجراءها فترة استراحة مثلا وسط وقت الشغل، ولهذا فإن مدة الاستراحة الخاصة امتياز للأم الأجيرة، ولا ينبغي خلطها بأي راحة أخرى تمنح للأجراء بصفة عامة
وإذا كانت المقاولة تشغل مالا يقل عن 50 أجيرة يتجاوز سنهن 16 عشرا، وجب عليها تجهيز غرفة خاصة للرضاعة داخلها أو على مقربة منها مباشرة، كما يمكن استعمال هذه الغرف روضا لأطفال الأجيرات العاملات بهاته المقاولة، كما شجعت المدونة على إمكانية إنشاء دار للحضانة بمساهمة عدة مقاولات متجاورة بمنطقة معينة مع تجهيزها وفق الظروف الملائمة
وعلاوة على ما سبق، فإن الأم الأجيرة تتمتع باستراحة للرضاعة على مدى اثني عشر شهرا، أي لمدة سنة كاملة.
الفقرة الثانية : حق التربية
يحق للأم الأجيرة وحسب المادة 156 م.ش ألا تستأنف شغلها بعد مضي سبعة أسابيع على الوضع أو أربعة عشرة أسبوعا عند الاقتضاء، وذلك لأجل تربية طفلها شريطة أن تشعر مشغلها في اجل أقصاه  خمسة عشر يوما من انتهاء إجازة الأمومة، وفي هذه الحالة فان فترة توقف العقد لا تتجاوز  تسعين يوما .
ويبدو واضحا من هذه المادة أن الأجيرة الأم يمكنها وبإرادتها المنفردة الاستفادة من هذه العطلة، فقط عليها التقيد بإجراء شكلي يتمثل في إخبار المشغل داخل أجل  خمسة عشرة يوما قبل انتهاء عطلة الولادة، وفي هذه الحالة لا يمكن أن يزيد توقيف عقد العمل عن تسعين يوما.
فضلا على أنه يمكن للأم الأجيرة وباتفاق مع المشغل الاستفادة من عطلة غير مدفوعة الأجر لمدة سنة لتربية طفلها وتستأنف الأم الأجيرة شغلها بعد انتهاء فترة التوقيف المشار إليها في الفقرتين الأولى والثانية من هذه المادة. وتستفيد من الفوائد التي اكتسبتها قبل توقف عقدها. 
لكن الفوائد المكتسبة لا تعني احتفاظ الأم الأجيرة بنفس العمل الذي كانت تمارسه قبل توقف هدا العقد بسبب عطلة الولادة.
وفي هذا الباب نصت المادة 13 من الاتفاقية عدد 5 الصادرة عن المنظمة العربية للشغل، أنه للمرأة الأجيرة الحق في الحصول على إجازة بدون أجر لتربية طفلها  وتحتفظ بوظيفتها خلال هذه الإجازة الشيء الذي لم يشر له المشرع المغربي في المادة المذكورة أعلاه ،لأنه ذكر الفوائد المكتسبة دون أن يحدد هل ستحتفظ الأجيرة الأم  بنفس عملها الذي كانت تقوم به قبل الوضع أو بعمل أخر.
وحسب الفقرة الثانية من هذه المادة وخلافا للفقرة الأولى منها فإن الأجيرة الأم لا يمكنها أن تستفيد من هذه العطلة بالرغم من أنها غير مدفوعة الأجر إلا بالاتفاق الصريح مع المشغل وبدون موافقته تصبح هذه الرخصة المخولة للأجيرة الأم فارغة المحتوى وغير قابلة للتنفيذ.
ومن جهة أخرى،  لابد من التذكير على أنه يمكن للأجيرة العدول عن استئناف شغلها حسب المادة 157 م.ش،  وفي هذه الحالة يجب عليها أن توجه إلى مشغلها قبل انتهاء فترة توقف عقد عملها بخمسة عشرة يوما على الأقل رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، تشعره فيها أنها لن تستأنف شغلها بعد انتهاء مدة التوقف المذكورة في المادة 156م.ش، ولا يلزمها في ذلك مراعاة أجل الإخطار ولا أداء تعويض عن إنهاء عقد الشغل، غير أن العقد المحدد المدة ينتهي بانتهـــاء أجلــه.
علاوة على أنه لا يمكن للمشغل إنهاء عقد شغل الأجيرة، أثناء توقفها عن الشغل بسبب نشوء حالة مرضية ناتجة عن الحمل أو النفاس ثابتة بشهادة طبية.


ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال :[يا رسول الله، من أحق بحسن صحبتي ؟ قال :أمك، قال: ثم من ؟قال: أمك، قال : ثم من؟ قال : أمك، قال: ثم من ؟ قال :أبوك.

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة ل الناجمويب: دروس و محاضرات قانونية