الاثنين، 7 ديسمبر 2015

النشاط الاداري: كل ما يخص الشرطة الادارية

1)      الشرطة الادارية :
يقصد بالشرطة الادارية أو الضبط الإداري مجموع تدخلات ونشاطات الإدارة التي ترمي عن طريق اتخاذ عدة إجراءات تنظيمية وفردية إلى الحفاظ على النظام العام بمدلولاته الثلاثة وهي:

-         الأمن العام :  ويقصد به المحافظة على المواطنين في أرواحهم وممتلكاتهم من كل ضرر محتمل.
-         الطمأنينة العامة  ويقصد بها أن تعمل الإدارة على توفير السكينة والراحة والهدوء للمواطنين لممارسة نشاطاتهم العادية بعيدا عن كل ما من شأنه أن يعكر عليهم صفو حياتهم.
-         الصحة العامة  ومعناها توفير الشروط المناسبة لإبعاد الأمراض والأوبئة عن المواطنين.

من تعريفات الفقه للشرطة الادارية :
-         دلو بدير : " مظهر من مظاهر عمل الادارة المتمثل في تنظيم حرية الافراد وحماية النظام العام".
-         ريفيرو : " مجموع تدخلات الادارة الهادفة الى ضبط سلوك أفراد المجتمع قصد حماية النظام العام".
-         سليمان محمد الطماوي : "حق الادارة في أن تفرض على الافراد قيودا, تحد بها من حرياتهم قصد حماية النظام العام".

وأيا كانت التعاريف. فان الشرطة الادارية تعتبر نظاما وقائيا تتولى فيه الادارة حماية المجتمع من كل ما من شانه ان يخل بأمنه وسلامته وصحة أفراده وسكينتهم, ويتعلق الامر بتقييد حريات وحقوق الافراد بهدف حماية النظام العام للدولة, وضمان استمرارية نظامها السياسي.

2)      الفرق بين الشرطة الادارية والمرفق العام :
غالبا ما نجد التمييز بين الشرطة الادارية والمرفق العام قائما على أن :
الشرطة الادارية : تقيد من حريات الأفراد.
المرفق العام : يقدم خدمات للافراد.
لذلك وصف الفقه الشرطة الادرية على أنها نشاط سلبي والمرفق على أنه نشاط ايجابي. فالشرطة الإدارية تترتب عليها المساس بحرية الفرد أو الأفراد على النحو السابق الإشارة إليه خلافا للمرفق إذ يقف الفرد موقف المنتفع من خدماته مجانا أو برسوم يلزم بدفعها.
وتختلف الجهة التي تتولى مباشرة إجراءات الشرطة الادارية عن الجهة التي تتولى ضمان توفير الخدمة للمنتفعين، ففي الحالة الأولى نجد الجهة دائما سلطة عامة ممثلة في الملك أو وزير معين أو والي أو رئيس مجلس بلدي، فهذه الهيئات هي من يعود لها الحق في أن تضرب على الحريات العامة قيدا أو قيودا لاعتبارات تمليها المصلحة العامة. وبالكيفية التي حددها القانون.
والأمر غير كذلك بالنسبة للمرفق العام حيث أن النشاط قد يعهد به إلى شركة أو إلى فرد وتقوم العلاقة مباشرة بين الشركة أو الفرد من جهة والمنتفع من جهة أخرى. وبالنتيجة ننتهي أن طبيعة إجراءات الضبط من الخطورة حيث لا يمكن إسنادها إلى أشخاص القانون الخاص. خلافا للمرفق العام يمكن نقل نشاطه وإسناده إلى فرد أو شركة تتولى القيام به .

3)      الفرق بين الشرطة الادارية والشرطة القضائية :
يقصد بالشرطة القضائية، كل الإجراءات التي تتخذها السلطة القضائية للتحري عن الجرائم بعد وقوعها ، والبحث عن مرتكبها تمهيداً للقبض عليه، وجمع الأدلة اللازمة للتحقيق معه ومحاكمته وانزال العقوبة به. ومن ثم فان الشرطة القضائية تتفق مع الشرطة الادارية في انهما يستهدفان المحافظة على النظام العام، إلا انهما يختلفان من حيث السلطة المختصة بإجرائه والغرض منه وطبيعته.
فمن جهة تتولى السلطة التنفيذية وظيفة الشرطة الادارية، بينما تتولى السلطة القضائية ممثلة بالقضاة أو أعضاء النيابة العامة وممثليها وظيفة الشرطة القضائية.
ومن حيث الغرض فان مهمة الشرطة الادارية وقائية تسبق الإخلال بالنظام العام وتمنع وقوع الاضطراب فيه، في حين مهمة الشرطة القضائية علاجية ولاحقة لوقوع الإخلال بالنظام العام وتهدف إلى ضبط الجرائم بعد وقوعها والبحث عن مرتكبيها وجمع الأدلة اللازمة لإجراء التحقيق والمحاكمة وإنزال العقوبة.
وأخيرا تتميز الشرطة الادارية في طبيعة إجراءاتها التي تصدر في شكل قرارات تنظيميه أو فردية تخضع لرقابة القضاء الإداري إلغاء وتعويضاً ، أما الشرطة القضائية فإنها تصدر في شكل قرارات قضائية لا تخضع لرقابة القضاء الإداري, وخضوعها لسلطات القضاء العادي محل نظر .

4)      اهداف الشرطة الادارية :
تهدف الشرطة الادارية إلى حماية النظام العام و منع انتهاكه و الاخلال به, و تمارس الادارة هذه السلطة متى وجدت ذلك ضروريا,و لو لم ينص القانون على اجراء معين لمواجهة ما قد يبعث على وقوع الفوضى و الاضطراب بغرض حماية النظام العام الذي يقوم على أربعة عناصر و هي :
-         الأمن العام : و المقصود به هو العمل على تحقيق الأمن و النظام في المدن و القرى و الأحياء و التجمعات السكنية المختلفة بما يحقق الاطمئنان لدى المواطن على أنفسهم و أعراضهم و أموالهم من كل خطر أو اعتداء قد يكونون عرضة له سواء بفعل الإنسان، مثل الاعتداءات المسلحة لعصابات الإجرام المختلفة، أو عدم احترام قواعد المرور، أو بفعل الطبيعة كالزلزال و الفيضانات و غيرها، و من أهم مظاهر الحفاظ على الأمن العام، منع التجمعات و المظاهرات و منع وقوع الجرائم و توقيف الأشخاص الذين يشكلون خطرا على الأمن و تنظيم المرور و إزالة العوائق من الطريق العام.

-         الصحة العامة : و يراد بها اتخاذ السلطة العمومية الإجراءات اللازمة لوقاية المجتمع من أخطر الأمراض المعدية و الأوبئة الفتاكة أيا كان مصدرها حيواني إنساني أو طبيعي، و يتضمن ذلك تنقية المياه الشروب من الجراثيم و مراقبة مدى سلامة أنابيب نقل المياه و تنظيم المجاري العامة لصرف المياه بعيدا عن التجمعات السكنية، كما يتضمن هذا العنصر مراقبة مخازن المواد الاستهلاكية و المطاعم و المقاهي و قتل الحيوانات المريضة .

-         السكينة العامة : و يقصد بها الهدوء العام و منع مظاهر الإزعاج و المضايقات التي تتجاوز الحد المعقول من الضجيج في المجتمع إذ من حق الأفراد التمتع ببعض الهدوء في الطريق العام و الأماكن العمومية و ألا يكونوا عرضة للضجيج و الضوضاء و القلق. بحيث تتدخل السلطات العمومية للقضاء على مصادر هذا الإزعاج خصوصا في الليل، سواء بإستخدام مكبرات الأصوات أو بالشجار أو برفع أصوات المحركات أو غيرها .

5)      اشكال الشرطة لإدارية :
-         الشرطة الادارية العامة :تتدخل الشرطة الادارية العامة في مجال عام وواسع, بحيث تهدف الى المحافظة على النظام العام وحماية جميع أفراد المجتمع من خطر انتهاكاته والاخلال به. وتبعا لذلك فان الشرطة الادارية تدخل في اطار الوظائف التقليدية للدولة, وهو تدخل عام لا يمكن تحديده, وانطلاقا مما سبق نستنتج ان الشرطة الادارية تحمل طابع العمومية والتجريد في الحياة الاجتماعية, كما انها تتميز بكونها الجهاز الذي يتحرك في نطاق واسع من اجل الحفاظ على النظام العام الى حد لا يمكن تحديد اختصاصاته بوضوح. ولهذا فان الصلاحيات التي تتوفر عليها في هذا المجال هي صلاحيات عامة غير محددة سواء على مستوى الاهداف او النشاطات .

-         الشرطة الادارية الخاصة :يقصد بالشرطة الادارية الخاصة, حماية النظام العام في ناحية معينة من نشاط الافراد, ويعهد بها الى سلطة ادارية خاصة بقصد تحديد اهداف محدودة تندرج ضمن أهداف الشرطة الادارية العامة كما هو الشأن في تنظيم العمل في بعض المجالات العامة المختصة بالصحة العمومية, وكذا الشرطة الادارية الخاص بالمحافظة على الطرق العمومية, ومراقبة السير والشرطة الادارية الخاصة بمراقبة الاسعار لحماية المستهلكين. وبالتالي فالشرطة الادارية الخاصة تتميز عن الشرطة الادارية العامة بكونها تتدخل بمقتضى نصوص قانونية خاصة, يسمح المشرع من خلالها لجهة معينة بممارسة حق الاختصاص في موضوع محدود, كما ان تدخلها يقتصر على نطاقات معينة, مثل قطاع السكك الحديدية.

6)      وســائل الشــرطة الاداريــة :

الوسائل القانونية :
تعتمد الشرطة الإدارية في تحقيق أغراضها على وسائل قانونية وتتجلى في مختلف النصوص التشريعية والتنظيمية الصادرة بشأن تنظيم عدة ميادين من ميادين الشرطة الإداريةتتخذ سلطة الشرطة تدابيرها إما عن طريق القرارات التنظيمية أي إصدار قواعد عامة لحماية النظام العام أو عن طريق القرارات الفردية كإصدار تدبير بالترخيص أو المنع لاجتماع أو مظاهرة مما يمكن للشرطة الإدارية اللجوء للإكراه باستعمال القوة المادية لتفادي الإخلال بالنظام العام ويسمى هذا الامتياز للسلطة بالتنفيذ المكره أو المباشر ويكون هذا الأثر في حالات متعددة وهي إما :
-         وجود نص قانوني يخولها استعمال القوة.
-          وجود مقاومة لا يمكن التغلب عليها.
-          حالات الاستعجال.

المنع: وهو أعلى أشكال المساس بالحريات العامة تم اتخاذها من جانب الإدارة بهدف المحافظة على النظام العام، وعندما تفرض الإدارة على الأفراد نشاطا معينا فلا تمنع بمجرد المنع، وإنما لتحقيق مقصد عام يعود بالنفع على جميع أفراد المجتمع، فمنع المرور على جسر آئل للسقوط
ومنع التجول ليلا في ظروف غير عادية إنما الهدف منه حماية الأرواح.

الترخيص: قد تشترط الإدارة وطبقا لنصوص القانون أو التنظيم على الأفراد ترخيصا معينا إن هم أرادوا ممارسة حرية معينة أو القيام بعمل معين كما لو أراد الأفراد ممارسة حق التجمع أو إقامة مسيرة فمن حق الإدارة أن تفرض عليهم الحصول على رخصة قبل القيام بالنشاط وإلا كان عملهم مشوبا بعيب في المشروعية.

الوسائل البشرية:
يوضع تحت تصرف سلطات الشرطة الادارية المركزية منها أو المحلية أعوان و هيئات لتنفيذ لوائح و قرارات الضبط الصادرة عن تلك السلطات و تطبيقها في الميدان , كما تعتبر الشرطة البلدية و كذا أفراد الشرطة و الدرك الملكي و القوات المساعدة الوسيلة البشرية التي يستعملها و يستعين بها رئيس البلدية في مجال الشرطة الادارية العامة.

حدود الشرطة الادارية في رقابة القضاء :
القاعدة العامة أن الأفراد يتمتعون بالحريات العامة التي كفلها لهم الدستور غير أنه في مواضع معينة ترد على هذه الحريات قيودا تفرضها مصلحة المجتمع. ولما كان الأصل هو التمتع بالحرية و الاستثناء هو القيد أو القيود، وجب أن تخضع هذه القيود إلى ضوابط تمنع أو تحد من التعسف في ممارستها، ويقضي الأمر عن الحديث عن حدود الشرطة الادارية فيما يخص رقابة القضاء .
من المعلوم أنه في إطار دولة القانون يكون الجميع (مواطنين وهيئات) مسؤولين أمام القانون، وهو
ما يسمى بمبدأ الشرعية الذي يجب على الإدارة أن تخضع له حتى لا يقع منها أي شطط أو تعسف في تصرفاتها وتصرفات موظفيها. ويترتب عن هذا المبدأ أن القرارات الإدارية تخضع لرقابة القضاء سواء أكان قضاء الإلغاء، وهو من اختصاص الغرفة الإدارية في المجلس الأعلى عندما يتعلق الأمر بطلب إلغاء قرار إداري مشوب بالشطط والتعسف أو قضاء التعويض وهو من اختصاص المحاكم ذات الولاية العامة عندما يتعلق الأمر بطلب التعويض عن أضرار تسببت فيها الإدارة.
ان وظيفة الشرطة الادارية قديمة قدم الدولة ذاتها وتعتبر وظيفة ضرورة، ولازمة لحماية المجتمع،
ووقاية للنظام العام. إذ بدونها تعم الفوضى، ويسود الاضطراب ويختل التوازن في المجتمع. فالجماعة لا يتصور لها وجود من غير نظام بضبط سلوك أفرادها، وأوامر تحيط بالنشاط الفردي، وتدفعه إلى غاياته المحددة, ولهذا يقال إن ضعف الدولة كان بشيراً بالفوضى بدوره يهدد المساواة الواجبة في المجتمع وقد يعتبر تهديداً للدولة ذاتهـا.
وقد وجدت سلطات الشرطة الادارية نفسها أمام معادلة صعبة فالقانون حدد غايتها في الحفاظ على النظام العام الذي يتمثل في تحقيق الأمن، و الصحـة، والسكينـة والآداب العامة, ويدرك المشرع أن الأمن لا يتحقق في الواقع إلا بمنع أي فرد، أو جماعة من الإخلال بالنظام العام, واتخاذ وسائل القوة المشروعة, وفي ذلك تقييد لحرية الأفراد التي تمثل أساس النظام العام فحتى تصان الحرية لابد وأن يتحقق الشعور بالأمن. والأمن لا يتحقق إلا بأمرين متناقضين همـا:

الحرية بما تعنيه من ضمان حق الاختيار للفرد, والنظام العام بما يعنيه من منع كل إنسان يريد أن يمارس من التصرفات التي يعتقد أن في حريته ممارستها في حين أن ذلك يحدث خللاً في النظام العـام .فالحرية هي منطلق الإنسان. ففي أجواء الحرية، والأمن، والطمأنينة يبني الإنسان ويفكر، ويبدع، و تحقيق النظام العام هو جزء جوهري من أساسيات تحقيق الحرية وضرورة اجتماعية, وهدف لأي تقدم اجتماعي, فالحرية اللامسئولة تتحول إلى فوضى , وتشكل خطراً يبدد المجتمع وغالباً ما تنتهي إلى نوع من العبودية أو مصادرتها كلية.

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة ل الناجمويب: دروس و محاضرات قانونية