الأحد، 24 أبريل 2016

وسائل الاداء و الائتمان: الكمبيالة - التظهير الناقل للملكية

التظهير الناقل للملكية




يقصد بالتظهير الناقل للملكية ذلك التصرف القانوني الذي يهدف إلى نقل الحق الثابت في الكمبيالة من المظهر إلى المظهر إليه، ويعتبر كل تظهير للكمبيالة سواء كان للحامل أو على بياض أو اسمي، على وجه الكمبيالة أو على ظهرها تظهيرا ناقلا للملكية ما لم يتضمن عبارة تفيد التوكيل أو التأمين.




وباعتبار التظهير تصرف قانوني فلا بد من توافر الشروط الواجب توافرها في أي تصرف قانوني آخر، وهذه هي الشروط الموضوعية، إضافة إلى شروط شكلية أخرى باعتبار التظهير تصرف قانوني صرفي.

 شروط التظهير

الشروط الموضوعية :
1-    الأهلية: يجب أن يتوفر المظهر على الأهلية اللازمة لتعاطي العمل التجاري حتى يعتد بتظهيره، وهي نفس الأهلية الواجب توافرها في الساحب عند إنشائه الكمبيالة.

أما بالنسبة للمظهر إليه فيشترط فيه الأهلية اللازمة لتلقي الحقوق، وهي أهلية الوجوب، فهذه الأهلية تكفي في المظهر إليه، لأنه يتلقى الكمبيالة أي يصبح حاملا لها فهو لا يوقع عليها فلا يقع عليه أي التزام صرفي، أما إذا أراد هو الآخر تظهيرها، فهنا سيصبح مظهرا ولا بد عندئذ من توافر الأهلية المشترطة في المظهر ما دام أنه سيوقع على الكمبيالة.

2- الرضا: لكي ينشأ التظهير لا بد أن يعبر المظهر عن إرادته بصراحة وذلك بتوقيعه على الكمبيالة، فهذا التوقيع هو المعبر الوحيد عن إرادة المظهر في نقله ملكية الكمبيالة إلى المظهر إليه، كما يجب أن يكون هذا التعبير خاليا من عيوب الرضا كالغلط والتدليس والإكراه والغبن.

أما بالنسبة لرضا المظهر إليه فلا بد من قبوله لهذا التظهير، فلا يمكن تصور تظهير كمبيالة لفائدة شخص يرفض نقل الكمبيالة إليه. ورضا المظهر إليه قد يكون صريحا، بتعبيره بأية وسيلة عن هذا الرضا، أو ضمنيا كأن يتسلم الكمبيالة المظهرة إليه.

3- المحل: يقصد بالتظهير تنازل أو نقل الحق الثابت في الكمبيالة من المظهر إلى المظهر إليه، فهذا الحق الثابت هو الذي يشكل محل الكمبيالة، وهو عبارة عن مبلغ من النقود المتضمن في الكمبيالة، ويشترط القانون أن يرد التظهير على هذا المبلغ كاملا، ومن ثم فإن التظهير الجزئي يقع باطلا. (م 167 فق 5)

4- السبب: هو عبارة عن علاقة ناشئة بين المظهر والمظهر إليه، والتي جعلت الأول ينقل ملكية الكمبيالة إلى الثاني، فهي نفس العلاقة التي يمكن أن تجمع الساحب بالمستفيد والتي أدت إلى سحب الكمبيالة، لذا فهنا أيضا بالنسبة لسبب التظهير يجب أن يكون مشروعا وغير مخالف للنظام العام وحسن الآداب تحت طائلة بطلان هذا التظهير (تظهير كمبيالة لتسوية دين قمار أو لأجل استمرار علاقة غير مشروعة).

الشروط الشكلية

1- الكتابة
ما دام أن الكمبيالة لم ترد فيها شرط "ليست لأمر" فإنها تكون قابلة للانتقال عن طريق التظهير، وهكذا يمكن للمستفيد أن ينقل ملكيتها إلى شخص آخر، ويتم هذا التظهير كتابة (م 167 ) على الكمبيالة نفسها أو على الوصلة وذلك عن طريق توقيع المظهر الذي لا بد أن يرد كتابة بخط اليد.
وتعتبر الكتابة شرط ضروري لنشوء التظهير وكذا لإثباته.
وتختلف الكتابة هنا بحسب ما إذا ورد هذا التظهير من على ظهر الكمبيالة أو على وجهها أو على الوصلة:
 -
إذا حصل التظهير على ظهر الكمبيالة أو ظهر الوصلة فيكفي أن يضع المظهر توقيعه المجرد أي غير مقرون بأي صيغة تفيد معنى التظهير وهذا ما يسمى بالتظهير على بياض.

 -
أما إذا وقع التظهير على وجه الكمبيالة فإن توقيع المظهر وحده لا يكفي بل لا بد من أن يضع صيغة تفيد معنى التظهير كأن يقول مثلا: "انقلوا مبلغ الكمبيالة إلى فلان..." أو "ادفعوا مبلغ الكمبيالة ..." وإلا اعتبر ضمانا احتياطيا.

2- تأريخ التظهير
تنص المادة 173 م ت على أنه: "يعتبر التظهير بلا تأريخ محررا قبل انصراف الأجل المعني لإجراء الاحتجاج ما لم يثبت خلاف ذلك".
يستفاد من ذلك أن التظهير قد يكون مؤرخا وغير مؤرخ، فهو جائز في كلتا الحالتين حيث لا يعتبر بيانا إلزاميا بيد أنه لا يخلو من أهمية.
والتظهير المؤرخ يأتي حسب الحالات التالية:
أ- قد يحصل التظهير قبل ميعاد استحقاق الكمبيالة، و هذا هو الأصل، حيث يكون صحيحا وينتج كافة آثاره القانونية.
ب- قد يحصل بعد ميعاد استحقاق الكمبيالة، وهنا نميز بين حالتين:

-  قد يأتي التظهير بعد ميعاد الاستحقاق ولكن قبل تقديم احتجاج عدم الوفاء للكمبيالة، أو قبل انصراف الأجل المحدد لتقديم هذا الاحتجاج، فهنا يعتبر التظهير صحيحا كالتظهير المحرر قبل ميعاد الاستحقاق لأن حلول أجل الاستحقاق لا يجعل حياة الكمبيالة تنتهي، بل فقط يجعلها مستحقة الأداء ( م 173 م ت)

-  وقد يأتي هذا التظهير بعد ميعاد الاستحقاق ولكن بعد تقديم الاحتجاج أو بعد انصرام الأجل المحدد لذلك، ففي هذه الحالة لا يعتبر التظهير صحيحا، بل فقط حوالة عادية (م 173) ذلك أن تقديم الاحتجاج أو انصرام أجل تقديمه يوقف حياة الكمبيالة فلا يمكن تداولها بعد ذلك عن طريق التظهير.

وعموما يمكن القول بأن وضع تاريخ التظهير مسألة ليست إلزامية لكن ان  تم وضع هذا التاريخ يجب أن يكون حقيقيا لا مزورا وإلا عرض صاحبه للجزاء الجنائي (الفصلين 354 و357 من القانون الجنائي)

أما بالنسبة للتظهير غير المؤرخ فيعتبر حاصلا قبل انصرام أجل الاحتجاج وبالتالي فهو تظهير صحيح، إلا أن هذه القرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس.


آثار التظهير الناقل للملكية

يترتب عن التظهير الناقل للملكية الآثار التالية:

1- انتقال الحقوق الناشئة عن الكمبيالة :
لقد نصت المادة 168 من م ت أن: "التظهير ينقل جميع الحقوق الناشئة عن الكمبيالة"، بعبارة أخرى انتقال الكمبيالة ومقابل الوفاء من المظهر إلى المظهر إليه حيث تنتقل الكمبيالة بشروطها الإلزامية والاختيارية وجميع حقوق الناشئة عنه من رهون وضمانات وغيرها من حقوق فرعية متصلة بهذه الكمبيالة.
وتنشأ عن هذا التظهير علاقة جديدة مستقلة عن سابقتها، ويعتبر المظهر ساحبا جديدا متضامنا مع الساحب الأول على أداء ووفاء الكمبيالة، أمام المظهر إليه فيعتبر مستفيدا جديدا في حين يبقى المسحوب عليه دائما هو نفس المسحوب عليه

2- التزام المظهر بضمان الوفاء والقبول :
يضمن المظهر الوفاء والقبول ما لم يرد شرط في الكمبيالة بخلاف ذلك (م 169 فق 1)، أي أن القانون أجاز استبعاد هذا الضمان بتضمين الكمبيالة شرطا يقضي بخلاف ذلك. كما أجاز المشرع للمظهر أن يمنح تظهيرا جديدا فإن خالف المظهر إليه هذا الشرط فإن المظهر المشترط لا يلزم بالضمان تجاه الأشخاص الذين ظهرت إليهم الكمبيالة لاحقا (م 169 فق 2). ويقع التحلل في حالة اشتراط "عدم التظهير من جديد" من ضمان الوفاء والقبول معا. وكذلك الشأن في حالة إدراج المظهر شرطا عاما بتحلل من الضمان دون بيان ما إذا كان الأمر يتعلق بالقبول والوفاء، فإن هذا الشرط يؤول على أنه إعفاء من ضمان الوفاء والقبول معا.

3- حق الرجوع المظهر إليه على كل الملتزمين بالكمبيالة :

لقد نصت المادة 201 على فكرة الالتزام الصرفي أو التضامن الصرفي وحددت نطاقها وقواعد المتابعة بشأنها، حيث أن جميع الساحبين للكمبيالة أو القابلين لها والمظهرين والضامنين الاحتياطيين، ملزمون بالتضامن نحو الحامل ومن حق الحامل أن يوجه دعوى ضد جميع هؤلاء الأشخاص فرادى أو جماعات ودون أن يكون ملزما بإتباع الترتيب الذي صدر به التزامه، ويتمتع بالحق نفسه كل موقع على الكمبيالة أوفى بمبلغها ولا تمنع الدعوى المقامة على أحد الملتزمين من إقامة الدعوى ضد الآخرين، ولو كانوا لا حقين لمن قيست عليهم الدعوة أولا.

وهكذا إذا وجه الحامل أي المظهر إليه بالرفض بالوفاء من طرف المسحوب عليه، فإن له الحق بالرجوع على المظهر وبقية الملتزمين بالكمبيالة اللهم إذا أعفى أحدهم نفسه من ضمان الوفاء – باستثناء الساحب الذي لا يمكنه أن يعفي نفسه من ضمان الوفاء – وذلك دون أن يلتزم بترتيب معين في هذا الرجوع.

إلا أنه قد يكون المظهر إليه هو الساحب أي أنه سحب كمبيالة فتم تداولها ثم آلت إليه عن طريق التظهير، فهنا لا يمكن لهذا المظهر إليه الرجوع لا على مظهره ولا على مظهرين السابقين له لأنهم يضمنهم جميعا بصفته ساحبا، ويكون له الحق في الرجوع على المسحوب عليه القابل الذي يعتبر هو المدين الرئيسي في الكمبيالة.

4- انتقال الحقوق مطهرة من الدفوع

إن الحقوق التي تنتقل إلى المظهر إليه بعد التظهير يجب أن تنتقل إليه مطهرة وخالية من كل الدفوع وهذا ما يعرف بقاعدة "عدم التمسك بالدفوع".

1
= معنى قاعدة عدم التمسك بالدفوع:
يقصد بهذا المبدأ حرمان المدين في الكمبيالة من التمسك ضد الحامل حسن النية بالدفوع المستمدة من علاقاته الشخصية بالساحب أو الحملة السابقين، فمثلا لا يجوز للمسحوب عليه القابل للكمبيالة أن يدفع ضد الحامل حسن النية بعدم وجود مقابل الوفاء الذي يمكن أن يدفع به ضد الساحب كما لا يمكن أن يدفع ضد الحامل حسن النية بانقضاء الالتزام بالإبراء أو اتحاد الذمة أو المقاصة التي يمكن أن تثبت له إزاء حامل سابق أو إزاء الساحب، فلنفرض مثلا إن المستفيد أي الحامل الأول للكمبيالة كان مدينا للمسحوب عليه القابل بمبلغ يساوي مبلغ الكمبيالة، إذن فلو عاد المستفيد على هذا المسحوب عليه فإن من حق المسحوب عليه أن يتمسك إزاء هذا الحامل أي المستفيد بالمقاصة بين الدينين، ويقوم بعد ذلك هذا المستفيد بتظهير الكمبيالة إلى شخص آخر، فهذا المظهر إليه أي الحامل الجديد يستطيع الرجوع على المسحوب عليه الذي يجب عليه أن يوفي بمبلغ الكمبيالة ولا يستطيع أن يواجهه بالمقاصة التي كان يمكن أن يواجه بها المستفيد الأول أي المظهر.

وعليه فإن تلك العلاقات السابقة لا تؤثر على حق الحامل ما دام أنه حسن النية (م 171 م ت)، ويؤدي تطبيق هذا المبدأ إلى ازدياد الثقة بالكمبيالة والإقبال على التعامل بها، ما دام أن الأشخاص يعلمون مسبقا بأنهم أن يفاجئوا بأي دفع يقضي على حقهم.

وتطبق هذه القاعدة على جميع الأشخاص الذين يتحملون بالالتزام الصرفي، ولا يستثنى من أثرها سوى المسحوب عليه الذي لم يقبل ولم يوقع على الكمبيالة بالقبول، إذ يكون من حقه أن يتمسك بالدفوع الشخصية إزاء الحامل.

2= نطاق قاعدة عدم التمسك بالدفوع:
لا يجوز التمسك بقاعدة سريان الدفوع إلا إذا انتقلت الكمبيالة عن طريق التظهير، بحيث تتعطل هذه القاعدة إذا ما انتقلت الكمبيالة عن طريق الحوالة العادي، كما أن تطبيق هذه القاعدة ليست رؤمطلقة فهناك دفوع لا يطهرها التظهير في مواجهة الحامل حتى ولو كان حسن النية بحيث يمكن التمسك بها في مواجهته، وتتمثل هذه الدفوع في:

- الدفع ببطلان الكمبيالة: بحيث يجوز التمسك بهذا الدفع في مواجهة الكافة، وضمنهم الحامل سواء كان حسن أو سيء النية، وذلك لخلو الكمبيالة من بيان أو أكثر من البيانات الإلزامية المنصوص عليها في م 159من م ت، لأن الحامل هنا لا يحتاج إلى حماية ما دام لم يحمي نفسه لأنه بإمكانه التعرف على هذه العيوب الشكلية بمجرد إطلاعه على الكمبيالة.

- الدفع بنقصان الأهلية أو انعدامها: يجوز للقاصر غير التاجر ولعديم الأهلية أن يتمسكا بالدفع بنقصان الأهلية أو انعدامها تجاه سائر الموقعين على الكمبيالة، وضد الحامل ولو كان حسن النية، وذلك حماية للقصر من تعسف واستغلال الراشدين (م164 م ت)

-  الدفوع الشخصية المستمدة من العلاقة بين المدين المدعي عليه والحامل المدعي: إذا كان لا يجوز للأشخاص المدعى عليهم بسبب الكمبيالة أن يتمسكوا تجاه الحامل الحسن النية بالدفوع المستمدة من علاقاتهم الشخصية بالساحب أو بحاميلها السابقين (م171 م ت)، فإنهم يملكون حق استعمال سائر الدفوع تجاه الحامل إذا كانت مستمدة في العلاقات الشخصية الرابطة بينهم وبين الحامل، فمثلا يكون المظهر قد وقع في عيب من عيوب الرضا أوقعه فيه المظهر إليه، كعملية تدليس أو إكراه، فإذا ما أراد المظهر إليه الحامل الرجوع على هذا المظهر فإن من حق هذا الأخير أن يتمسك ضده بالدفع بعيوب الرضا، ما دام أن هذا الدفع متصل بعلاقة الحامل المدعي أي المظهر إليه والمدعى عليه أي المظهر في هذا المثال.

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة ل الناجمويب: دروس و محاضرات قانونية